الفتح [١٠/ ١٦٨] رقم [٥٧١٦] لم أقف على اسم هذا الرجل واسم أخيه اهـ (فقال) له (رسول الله صلى الله عليه وسلم اسقه عسلًا فسقاه ثم جاءه) مرة ثانية (فقال إني سقيته عسلًا فلم يزده إلا استطلاقًا) أي إسهالًا (فقال له) رسول الله صلى الله عليه وسلم اسقه عسلًا (ثلاث مرات ثم جاء) الرجل المرة (الرابعة فقال) له النبي صلى الله عليه وسلم (اسقه عسلًا فقال) الرجل والله (لقد سقيته) عسلًا (فلم يزده إلا استطلاقًا) أي مشاء (فقال) له (رسول الله صلى الله عليه وسلم صدق الله) عزَّ وجلَّ حيث قال في كتابه العزيز: {يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ} وهو العسل وهذا تصريح منه صلى الله عليه وسلم بان الضمير في قوله فيه شفاء يعود إلى الشراب الذي هو العسل وهو الصحيح بدليل هذا الحديث ولأنه ليس في الآية ذكر لغيره وهو قول ابن عباس وابن مسعود والحسن وقتادة، وقال مجاهد: هو عائد إلى القرآن والأول أولى لما ذكرناه، قال القرطبي: ومقتضى الآية أن العسل فيه شفاء ما، لا كل شفاء لأن شفاء نكرة في سياق الإثبات ولا عموم فيها باتفاق أهل اللسان ومحققي أهل الأصول لكن قد حملها طائفة من أهل الصدق والعزم على العموم فكانوا يستشفون بالعسل من كل الأوجاع والأمراض وكانوا يستشفون من عللهم ببركة القرآن وبصحة التصديق والإيقان، وقد كان ابن عمر رضي الله عنهما لا يشكو قرحة ولا شيئًا إلا جعل عليه عسلًا حتى الدمل إذا خرج عليه طلاه عسلًا فقيل له في ذلك فقال أليس الله سبحانه يقول:{فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ} وروي أن عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه مرض فقيل له ألا نعالجك؟ فقال: ائتوني بماء فإن الله تعالى يقول: {وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا} ثم قال: ائتوني بعسل فإن الله يقول: {فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ} ثم قال: ائتوني بزيت فإن الله تعالى يقول: {مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيتُونَةٍ} فجاؤوه بذلك كله فخلطه جميعًا ثم شربه فبرأ. وحكى النقاش عن أبي وجزَة أنه كان يكتحل بالعسل ويستمشي أي يستعمل العسل لإطلاق البطن وإسهاله ويتداوى به فهذا كله عمل بمطلق القرآن وأصله صدق النية وصحة الإيمان.