مشروع وقد يقدر الله وقوعه فيما فر منه فلو فعله أو تركه لكان من قدر الله.
ومحصل قوله إن اختيار أسباب الاحتياط والحذر ليس فرارًا من قدر الله في الحقيقة لأن الله تعالى علق النتائج في هذه الدنيا على الأسباب والتقدير المبرم غير معلوم فالفرار مما يخاف منه ليس فرارًا من التقدير المبرم لكونه غير معلوم وإنما هو فرار من سبب الهلاك الظاهر وهو جزء من التقدير المعلق فهو فرار من أحد شقي التقدير المعلق إلى الشق الآخر ولا يمكن لأحد أن يفر من التقدير المبرم والله أعلم.
(أرأيت) أي أخبرني يا أبا عبيدة (لو كانت لك إبل فهبطت) أي نزلت بها (واديًا له عدوتان) بضم العين وكسرها وسكون الدال المهملتين أي شاطئان وحافتان وجانبان (إحداهما) أي إحدى العدوتين (خصبة) بفتح الخاء وكسر الصاد بعدها موحدة أي كثيرة المراعي والأشجار والحشائش والكلإ والعشب (والأخرى جدبة) بفتح الجيم وسكون الدال أي يابسة فارغة من تلك المذكورات (أليس) الشأن (إن رعيت الخصبة رعيتها بقدر الله) وقضائه (وإن رعيت الجدبة رعيتها بقدر الله) تعالى (قال) ابن عباس رضي الله عنهما (فجاء عبد الرحمن بن عوف وكان) عبد الرحمن (متغيبًا) أي غائبًا أولًا (في بعض حاجته) لم يشهد معهم المشاورة المذكورة (فقال) عبد الرحمن لعمر ومن معه (أن عندي من هذا) الذي اختلفتم فيه (علمًا) ونصًّا لأني (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا سمعتم به) أي بالطاعون (بأرض فلا تقدموا عليه) أي على الطاعون ليكون أسكن لأنفسكم وأقطع لوساوس الشيطان (وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا) منها (فرارًا منه) لئلا يكون معارضة للقدر فلو خرج لقدر آخر جاز (قال) ابن عباس (فحمد الله)