للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ .. فَلْيُكْرِمْ جَارَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ .. فَلْيُكْرِمْ ضَيفَهُ"

ــ

فإن كان ما يتكلم به خيرًا محققًا يثاب عليه أو مندوبًا فليتكلم وإن لم يظهر له أنه خير يثاب عليه فليمسك عن الكلام سواء ظهر له أنه حرام أو مكروه أو مباح مستوي الطرفين فعلى هذا يكون الكلام المباح مأمورًا بتركه، مندوبًا إلى الإمساك عنه مخافةً من انجراره إلى المحرم أو المكروه، وهذا يقع في العادة كثيرًا أو غالبًا، وقد ندب الشرع إلى الإمساك عن كثير من المباحات لئلا ينجر صاحبها إلى المحرمات أو المكروهات وقال الإمام أبو محمد عبد الله بن أبي زيد إمام المالكية بالمغرب في زمانه: جماع آداب الخير يتفرع من أربعة أحاديث: قول النبي صلى الله عليه وسلم "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت" وقوله صلى الله عليه وسلم "من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعينه" وقوله صلى الله عليه وسلم للذي اختصر له الوصية "لا تغضب" وقوله صلى الله عليه وسلم "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه وقال أبو القاسم القشيري رحمه الله تعالى: الصمت بسلامةٍ وهو الأصل، والسكوت في وقته صفة الرجال، كما أن النطق في موضعه من أشرف الخصال، وقال: سمعت أبا علي الدقاق يقول: من سكت عن الحق فهو شيطان أخرس، قال: فأما إيثار أصحاب المجاهدة السكوت فلما علموا ما في الكلام من الآفات، ثم ما فيه من حظ النفس وإظهار صفات المدح والميل إلى أن يتميز من بين أشكاله بحسن النطق، وغير هذا من الآفات، وذلك صفة أرباب الرياضة، وهو أحد أركانهم في تهذيب الخُلُق، ورُوي عن الفضيل بن عياض أنه قال: من عد كلامه من عمله قل كلامه فيما لا يعنيه، وعن ذي النون رحمه الله تعالى: أصون الناس لنفسه أمسكهم للسانه، والله أعلم اهـ نووي.

(ومن كان) يريد أن (يؤمن بالله واليوم الآخر) الإيمان المنجي من عذاب الله والموصل له إلى كرامة الله تعالى (فليكرم جاره) بالإحسان إليه والإهداء له، وإعارة المواعين له، والجهد في قضاء حوائجه، والجار: من جاورك في مسكنك وفي الحديث الآخر (فلا يؤذ جاره) وفي الآخر "فليحسن إلى جاره" قال القاضي عياض: كلها ترجع إلى تعظيم حق الجار (ومن كان) يريد أن (يؤمن بالله واليوم الآخر) الإيمان الكامل الموصل إلى الدرجات العُلى (فليكرم ضيفه) بإظهار البشاشة له في الكلام، وبإحضار القِرى له وإكرام نزله، والضيف: القادم عليك النازل عندك.

<<  <  ج: ص:  >  >>