للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَقَامَ إِلَيهِ رَجُلٌ فَقَال: الصَّلاةُ قَبْلَ الْخُطْبَةِ، فَقَال: قَدْ تُرِكَ مَا هُنَالِكَ، فَقَال أَبُو سَعِيدٍ: أَمَّا هَذَا فَقَدْ قَضَى مَا عَلَيهِ،

ــ

وأما مروان وبنو أمية فإنما قدموها لأنهم كانوا في خطبهم ينالون من علي كرم الله وجهه، ويُسمعون الناس ذلك فكان الناس إذا صلوا معهم انصرفوا عن سماع خطبهم لذلك، فلما رأى مروان ذلك، أو من شاء من بني أمية قدموا الخطبة ليُسمعوا الناس من ذلك ما يكرهون، والصواب تقديم الصلاة على الخطبة، وقد حكى فيه بعض علمائنا الإجماع (فقام إليه) أي إلى مروان (رجل) من الحاضرين ولم أرَ من ذكر اسمه (فقال) الرجل لمروان (الصلاة) أي صلاة العيد مفعولة (قبل الخطبة) أي قبل خطبة العيد في سنة أبي القاسم صلى الله عليه وسلم فلا تخطب قبل الصلاة أيها الأمير، فأبى مروان أن ينزجر بقول الرجل (فقال) مروان اعتذارًا عن بدئه بالخطبة (قد ترك) أيها الرجل (ما) يفعل (هنالك) أي في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعهد الخلفاء الراشدين من استماع الخطبة إذا أُخرت عن الصلاة، أي قد ترك الناس استماع الخطبة إذا أخرناها عن الصلاة، لأنهم منصرفون مستعجلون فلذلك قدمتها ليستمعوها، قال الأبي: قد ترك ما هنالك يعني من تقديم الصلاة، ثم الأظهر أن غيره سبقه بالترك، أو يحتمل أن يعني نفسه (فقال أبو سعيد) الخدري لمن حوله من الجالسين (أما هذا) الرجل الناهي لمروان عن بدئه بالخطبة (فقد قضى) وأدى (ما) وجب (عليه) من النهي عن المنكر الذي هو ترك السنة وابتداع البدعة من تقديم الخطبة على الصلاة، وقال القاضي عياض: (قوله فقام إليه رجل) ثم قال بعد فقال أبو سعيد "أما هذا فقد قضى ما عليه" يدل على أن الرجل غير أبي سعيد، وسيأتي في باب صلاة العيد حديث (أن أبا سعيد هو الذي جبذ بيد مروان إذ رآه يصعد المنبر، وكانا جاءا معًا فرد عليه مروان بمثل ما قال لهذا الرجل) فيحتمل أنهما حديثان جرى أحدهما لأبي سعيد، والآخر لغيره بحضرته اهـ.

قال الأبي: ويبْعُد أنهما قضيتان بل هي واحدة بدأ فيها الرجل فلما لم يكف مروان ولم ينزجر قام أبو سعيد فقال ما ذكر، ولذا قال أبو سعيد: أما هذا فقد أدى ما عليه من الإنكار اهـ. قال النواوي: وكان الأحق بالبداية أبو سعيد، فلعله لم يحضر من أول ما شرع مروان في أسباب تقديم الخطبة فأنكر عليه الرجل، ثم دخل أبو سعيد وهما في الكلام، أو حضر وخاف ولم يخف الرجل لمنعة قومه، أو إنه خاف وخاطر وذلك جائز في مثل هذا بل هو مستحب، أو حضر أبو سعيد وبادر الرجل قبله اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>