للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَمَا زَال الرَّجُلُ يأكُلُ مِنْهُ وَامْرَأَتُهُ وَضَيفُهُمَا، حَتَّى كَالهُ. فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فَقَال: "لَوْ لَمْ تَكِلْهُ لأَكلْتُمْ مِنْهُ، وَلَقَامَ لَكُمْ"

ــ

نصف وسق شعير، والوسق ستون صاعًا والشطر ثلاثون صاعًا كما مر في كتاب الزكاة، وشطر بدل من طعامًا المقدر المفهوم من الفعل أو عطف بيان له (فما زال الرجل يأكل منه) أي من ذلك الشطر هو (وامرأته وضيفهما حتَّى كاله) أي حتَّى كال ذلك الطعام ليعلم قدره فلما كاله فني بسرعة (فأتى النبي صلى الله عليه وسلم) فأخبره بحال الطعام من أكله زمانًا قبل الكيل، ومن فناءه بسرعة بعد الكيل (فقال) له النبي صلى الله عليه وسلم: (لو لم تكله) ولم تعلم قدره (كلتم منه) أي من ذلك الطعام بلا تقدير مدة (ولقام لكم) واستمر عندكم وثبت ودام لكم.

قال القرطبي: ونماء سمن العكة وشطر وسق الشعير كل ذلك ببركة النبي صلى الله عليه وسلم فيما لمسه أو تناوله أو تهمم به أو برّك عليه وكم له منها وكم، ورفع النماء من ذلك عند العصر والكيل سببه والله أعلم الالتفات بعين الحرص مع معاينة إدرار نعم الله تعالى ومواهب كراماته وكثرة بركاته والغفلة عن الشكر عليها والثقة بالذي وهبها والميل إلى الأسباب المعتادة عند مشاهدة خرق العادة وهذا نحو مما جرى لبني إسرائيل في التيه لما أنزل عليهم المن والسلوى وقيل لهم: {كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ} [البقرة: ١٧٢] فأطاعوا حرص النفس فادخروا للأيام فختر اللحم وفسد الطعام.

وقوله (لصاحبة العكة: "لو تركتيها ما زال قائمًا" ولصاحب الشطر: "لو لم تكله لقام لكم") يُستفاد منه أن من أُدرّ عليه رزق أو أكرم بكرامة أو لطف به في أمر ما فالمتعين عليه موالاة الشكر ورؤية المنة لله تعالى ولا يحدث مغيرًا في تلك الحالة ويتركها على حالها ومعنى رؤية النعمة أن يعلم أن ذلك بمحض فضل الله وكرمه لا بحولنا ولا بقوتنا ولا استحقاقنا اهـ من المفهم.

وهذا الحديث مما انفرد به الإمام مسلم رحمه الله تعالى لكنه شاركه أحمد برقم [٣/ ٣٣٧ و ٣٤٧].

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثالثًا لحديث أنس بحديث معاذ بن جبل رضي الله تعالى عنهما فقال:

<<  <  ج: ص:  >  >>