للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَجِئْنَاهَا وَقَدْ سَبَقَنَا إِلَيهَا رَجُلَانِ. وَالْعَينُ مِثلُ الشِّرَاكِ تَبِضُّ بِشَيءٍ مِنْ مَاءٍ. قَال: فَسَأَلَهُمَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "هَلْ مَسَسْتُمَا مِنْ مَائِهَا شَيئًا؟ " قَالا: نَعَمْ. فَسَبَّهُمَا النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، وَقَال لَهُمَا مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَقُولَ

ــ

ولا في كلام أحد من الشراح، ولعله صلى الله عليه وسلم بيان يريد أن تظهر في الماء البركة بحضوره صلى الله عليه وسلم إياها وكان يخشى إذا مسه أحد قبل حضوره أن ينقطع الماء، ثم رأيت الباجي رحمه الله تعالى قد ذكر في شرح الموطأ مثل هذا في بيان حكمة هذا النهي وزاد قائلًا: فيه دليل على أن للإمام له أن يمنع من الأمور العامة كالماء والكلأ من المنافع التي يشترك فيها المسلمون لما يراه من المصلحة اهـ من التكملة. وقال القرطبي: إنما نهاهم عن ذلك ليظهر انفراده بالمعجزة وتتحقق نسبتها إليه واختصاصه بها فإنه إذا شاركه غيره في مس ماءها لم يتمحض اختصاصه بها ولذلك لما وجد الرجلين عليها أمر أن يغرف له من مائها وكأنه كان أراد أن يباشر الماء وهو في موضعه لكن لما سبقه غيره إليها جمعوا له من مائها فغسل فيه يديه ووجهه ثم أمر أن يُعاد ذلك الماء فيها فلما فعلوا ذلك جاءت العين بماء منهمر وسُمع له حس كحس الصواعق اهـ من المفهم.

قال معاذ بن جبل: (فجئناها) مع رسول الله صلى الله عليه وسلم (وقد سبقنا إليها رجلان) من المسلمين، وروى أبو بشر الدولابي أنهما كانا من المنافقين قاله الزرقاني في شرح الموطأ، وقال ابن حجر في الفتح [٣/ ٣٤٥] ولم أقف على اسم الرجلين المذكورين اهـ من مبهمات مسلم (والعين مثل الشراك) أي مثل شراك النعل وسيرها الَّذي يجعل بين الإصبعين في قلة عرض الماء في العين (تبصر بشيء من ماء) الرواية المشهورة تبض بكسر الباء وبالضاد المعجمة أي تسيل بماء قليل رقيق مثل شراك النعل وقد رُوي بالصاد المهملة، وكذلك وقع في البخاري أي تبرق يقال بص يبص بصيصًا، ووبص يبص وبيصًا بمعناه أي تبرق وتلمع ويمكن تفسيره بالرشح أيضًا لأنه أحد معاني الكلمة كما في القاموس (قال) معاذ: (فسألهما) أي سأل الرجلين (رسول الله صلى الله عليه وسلم) فقال لهما: (هل مسستما) وأخذتما (من مالها شيئًا؟ قالا: نعم) أخذنا من مائها وانتفعنا به، قال معاذ: (فسبهما) أي فسب وشتم الرجلين (النبي صلى الله عليه وسلم وقال لهما) رسول الله صلى الله عليه وسلم في سبهما: (ما شاء الله أن يقول) رسول الله صلى الله عليه وسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>