للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَال: ثُمَّ غَرَفُوا بِأَيدِيهِمْ مِنَ الْعَينِ قَلِيلًا قَلِيلًا. حَتَّى اجْتَمَعَ فِي شَيءٍ. قَال: وَغَسَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فِيهِ يَدَيهِ وَوَجْهَهُ، ثُمَّ أَعَادَهُ فِيهَا، فَجَرَتِ الْعَينُ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ. أَوْ قَال غَزِيرٍ -شَك أَبُو عَلِيٍّ أَيُّهُمَا قَال- حَتَّى اسْتَقَى النَّاسُ، ثُمَّ قَال:

ــ

قوله: (فسبهما رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي لامهما وعاتبهما، قال عياض: فيه تأديب الحاكم بالقول والسب غير المقدح، وقال الباجي: لعله صلى الله عليه وسلم سألهما لما رأى من قلة الماء، ولعله أُوحي إليه أنَّه يكثر إذا شق إليه فأنكر قلته.

وأما وجه مخالفتهما لنهي النبي صلى الله عليه وسلم فقال فيه الباجي في المنتقى: لأنهما لم يعلما نهيه أو حملاه على الكراهة أو نسياه إن كانا مؤمنين ولم يوافق سبه إياهما محله وروى أبو بشر الدولابي أنهما كانا من المنافقين فقصدا مخالفة رسول الله صلى الله عليه وسلم فصادف السب محله، ويحتمل أنهما كانا غير منافقين ولم يعلما بنهي النبي صلى الله عليه وسلم ويكون سبه لهما لم يصادف محلًا فيكون ذلك رحمة لهما وزكاة كما قاله صلى الله عليه وسلم: "اللهم من لعنته أو سببته وليس لذلك بأهل فاجعل ذلك له زكاة ورحمة وقربة تقربه بها إليك يوم القيامة" رواه مسلم [٢٦٠١]، (٨٩).

(قال) معاذ: (ثم غرفوا) أي غرف أصحابه صلى الله عليه وسلم أي اغترفوا (بأيديهم) أي بأكفهم (من) ماء (العين قليلًا قليلًا) أي شيئًا فشيئًا أي أخذوا الماء بأكفهم قليلًا قليلًا من تلك العين وصبوه في بعض أوانيهم (حتَّى اجتمع) الماء (في شيء) من تلك الأواني (قال) معاذ: (وغسل رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه) أي في ذلك الماء جمعوه في الإناء (يديه) أي كفيه (ووجهه ثم أعاده) أي أمر بإعادة ذلك الماء الَّذي غسل فيه وجهه ويديه (فيها) أي في تلك العين (فجرت) أي سالت (العين بماء منهمر) أي منفجر بشدة شديد التدفق والانفجار، قال المجد في القاموس: انهمر الماء انسكب وسال والهضار السحاب السيال، ووقع في رواية الموطأ بماء كثير (أو قال) مالك حين ما حَدَّثَنَا هذا الحديث فجرت العين بماء (فزير) والغزير بمعجمتين ثم براء آخره كالكثير وزنًا ومعنى، قال المؤلف: (شك أبو علي) الحنفي (أيهما) أي أي اللفظين (قال) مالك بن أنس: يعني لفظي منهمر وغزير والمعنى واحد، قال معاذ: فجرت العين بماء منهمر (حتَّى استقى الناس) أي أخذوا منها الماء في أسقيتهم (ثم قال) رسول الله صلى

<<  <  ج: ص:  >  >>