للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَأَخَذَ السَّيفَ فَاسْتَيقَظتُ وَهُوَ قَائِمٌ عَلَى رَأْسِي، فَلَمْ أَشْعُر إلا وَالسَّيفُ صَلْتًا فِي يَدِهِ. فَقَال لِي: مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ قَال: قُلْتُ: اللهُ، ثُمَّ قَال فِي الثَّانِيَةِ: مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ قَال: قُلْتُ: اللهُ. قَال فَشَامَ السَّيفَ، فَهَا هُوَ ذَا جَالِسٌ"

ــ

غورث بن الحارث، ووقع عند الواقدي في سبب هذه القصة أن اسم الأعرابي دعثور وأنه أسلم لكن ظاهر كلامه أنهما قصتان في غزوتين والله أعلم اهـ فتح الباري [٧/ ٤٢٨]، وقوله: (فأخذ السيف) معطوف على أتاني أي فأخذ الرجل سيفي (فاستيقظت) من نومي (وهو) أي والحال أن الرجل (قائم على رأسي فلم أشعر) أي فلم أعلم الرجل (إلا والسيف صلتًا في يده) أي فلم أشعر إلَّا والحال أن السيف كائن في يده حالة كون السيف صلتًا بفتح الصاد وبضمها، وذكر القتبي أنها تكسر في لغة أي مصلتًا مسلولًا مجردًا من غمده وهذا يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في ذلك الوقت لا يحرسه أحد من الناس بخلاف ما كان عليه في أول أمره فإنه كان يُحرس حتَّى أنزل الله تعالى: {وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [المائدة: ٦٧] فقال لمن كان يحرسه: "اذهبوا فإن الله قد عصمني من الناس" رواه الترمذي وقال: غريب، فمن ذلك الوقت لم يحرسه أحد منهم ثقة منه بوعد الله وتوكلًا عليه، وفيه جواز نوم المسافر إذا أمن على نفسه، وأما مع الخوف فالواجب التحرز والحذر اهـ من المفهم.

(فقال لي) الرجل معطوف على أخذ أي فقال بعد أن أخذ السيف (من يمنعك مني) أي من يحفظك مني؟ أي من قتلي، وهذا استفهام مشرب بالنفي كأنه قال لا مانع ولا حافظ لك مني لأنك وحيد عن عسكرك فلم يبال النبي صلى الله عليه وسلم بقوله ولا عرج عليه ثقة منه بوعد الله وتوكلًا عليه وعلمًا منه بأنه ليس في الوجود فعل إلَّا لله تعالى فإنه أعلم الناس بالله تعالى وأشدهم له خشية، فأجابه بقوله: (الله) ثانية وثالثة كما (قال) صلى الله عليه وسلم: (قلت) له: (الله) يحفظني منك (ثم قال) الرجل (في) المرة (الثانية من يمنعك مني؟ قال) النبي صلى الله عليه وسلم: (قلت) له: (الله) يحفظني منك (قال) النبي صلى الله عليه وسلم: (فشام) الرجل (السيف) أي غمده ورده في غمده وغلافه (فها) أي انتبهوا (هو) أي الرجل الَّذي فعل بي ما ذُكر (ذا) أي هذا الحاضر الَّذي هو (جالس) معي وهذا من أعظم الخوارق للعادة فإنه عدو متمكن بيده سيف شاهر وموت حاضر ولا حال تغيرت ولا روعة حصلت، هذا محال في العادات فوقوعه من أبلغ

<<  <  ج: ص:  >  >>