للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثُمَّ لَمْ يَعْرِضْ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ

ــ

الكرامات ومع اقتران التحدي به يكون من أوضح المعجزات اهـ قرطبي في المفهم.

ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم: (فها هو ذا جالس) أن النبي صلى الله عليه وسلم نبه على ذلك الرجل وأخبر عنه وأشار إليه فكأنه قال: تنبهوا لهذا الرجل إذ مُنع مما هم به واستسلم لما يفعل فيه ثم تلافاه النبي صلى الله عليه وسلم بعفوه وحلمه وعاد عليه بعوائده الكريمة وصفحه (ثم) بعدما فعل الرجل ما فعل (لم يَعْرِضْ) مِن باب ضرب أي لم يتعرض (له رسول الله صلى الله عليه وسلم) ولم يطلبه بالتشفي منه ولم يعامله على سيئته، وفي هذا عظيم رحمته صلى الله عليه وسلم وشفقته على العباد واستئلاف قلوب الكفار وترك الانتقام ممن أراده بسوء.

ثم إن رواية الشيخين لا تذكر إلَّا أن الأعرابي أغمد سيفه ولم يتعرض له رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن وقع في رواية لابن إسحاق بعد قوله صلى الله عليه وسلم الله فدفع جبريل في صدره فوقع السيف فأخذه النبي صلى الله عليه وسلم وقال: "من يمنعك أنت مني؟ " قال: لا أحد، قال: "قم فاذهب لشأنك" فلما ولى قال: أنت خير مني، ووقع فيها أيضًا أن الرجل أسلم بعد، ذكره الحافظ في الفتح [٧/ ٤٢٧ و ٤٢٨]. وهناك رواية أخرى ذكرها ابن هشام في سيرته عن ابن إسحاق من طريق عمرو بن عبيد عن الحسن عن جابر أن رجلًا من بني محارب يقال له غورث قال لقومه من غطفان ومحارب (ألا أقتل لكم محمدًا قالوا: بلى، وكيف تقتله؟ قال: أفتك به، قال: فأقبل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس وسيف رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجره فقال: يا محمد انظر إلى سيفك هذا؟ قال: "نعم" وكان محلى بفضة فيما قال ابن هشام، قال: فأخذه فاستله ثم جعل يهزه ويهم فَكَبَتَهُ اللهُ، ثم قال: يا محمد أما تخافني؟ قال: "لا وما أخاف منك! " قال: أما تخافني وفي يدي السيف؟ قال: "لا، يمنعني الله منك" ثم عمد إلى سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم فرده عليه. لكن مدار هذه الرواية على عمرو بن عبيد وقد ذكر السهلي في الروض الأنف [٣/ ٢٥٥] أنَّه متفق على وهن حديثه وترك الرواية عنه لما اشتهر من بدعته وسوء نحلته ولا شك أن ما رواه الشيخان هو الأصح.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [٣/ ٣١١]، والبخاري في أبواب

<<  <  ج: ص:  >  >>