الحازمي: قيل هي آخر الحجاز وأول الشام (والجحفة) هي بنحو سبع مراحل من المدينة بينها وبين مكة اهـ. قال القرطبي: وقد اختلفت الألفاظ الدالة على مقدار الحوض كما هو مبين في الروايات المذكورة في مسلم وقد ظن بعض القاصرين أن ذلك اضطراب في الحديث يوجب ضعفه فلا يكون حجة في إثبات الحوض وليس كذلك وإنما تحدَّث النبي صلى الله عليه وسلم بحديث الحوض مرات عديدة وذوفيها تلك الألفاظ المختلفة إشعارًا بأن ذلك تقدير لا تحقيق وكلها تفيد أنَّه كبير متسع متباعد الجوانب والزوايا ولعل سبب ذكره للجهات المختلفة في تقدير الحوض أن ذلك إنما كان بحسب من حضره ممن يعرف تلك الجهات فيخاطب كل قوم بالجهة التي يعرفونها والله أعلم، وهذا الجواب في الجمع بينها أوضح وأولى مما ذكره الحافظ في الفتح.
(إني لست أخشى) وأخاف (عليكم أن تشركوا بعدي ولكن أخشى عليكم الدنيا) أي فتنتها، وقوله:(أن تنافسوا فيها) بدل اشتمال من الدنيا (وتقتتلوا) عليها (فتهلكوا كما هلك من كان قبلكم) من الأمم السابقة (قال عقبة) بن عامر بالسند السابق (فكانت) رؤيتي تلك (آخر ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر) أي آخر رؤيتي إياه على المنبر، وما مصدرية في قوله آخر ما رأيت والله أعلم.
قال القرطبي: قوله: (إني لست أخشى عليكم أن تشركوا بعدي) يعني أنَّه أمن على جملة أصحابه أن يبدّلوا دين الإسلام بدين الشرك ولا يلزم من ذلك أن لا يقع ذلك من آحاد منهم فإن الخبر عن الجملة لا يلزم صدقه على كل واحد من آحادها دائمًا لأنه من باب الكل لا من الكلية كيف لا؟ وهو الَّذي أخبر بأن منهم من يرتد بعد موته صلى الله عليه وسلم كما جاء نصًّا في غير ما موضع من أحاديث الحوض وغيرها، وقد ظهر في الوجود ردة كثير ممن صحب النبي صلى الله عليه وسلم وصلى معه وجاهد ثم كفر بعد موته، وقد تقدم قول ابن إسحاق وحكايته أنَّه لم يبق بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم مسجد من مساجد المسلمين إلَّا كان في أهله ردة إلَّا ما كان من ثلاثة مساجد وقتال أبي