وبعد ذلك ومحمد جابرًا - رضي الله عنه - بإعطاءه من جزية البحرين في السنة القادمة (لقد أعطيتك) يا جابر من ذلك المال (هكذا وهكذا وهكذا، وقال) النبي صلى الله عليه وسلم عند قوله هكذا (بيديه) أي أشار بكفيه (جميعًا) أي مجموعتين مضمومتين أي أعطيتك ما يملأ الكفين المجموعتين من الدرهم الذي يجيء من البحرين (فقُبض) أي تُوفي (النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يجيء) ويأتي (مال البحرين) في السنة العاشرة (فقدم) ذلك المال (على أبي بكر) الصديق - رضي الله عنه - في خلافته (بعده) أي بعد ما تُوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم (فأمر) أبو بكر (مناديًا) ينادي في الناس (فنادى) ذلك المنادي بقوله: (من كانت له على النبي - صلى الله عليه وسلم - عدة) أي ومحمد بالعطاء من عنده (أو) كان له (دين) على النبي - صلى الله عليه وسلم - (فليأت) أي فليجيء إلينا نوفي له ذلك الوعد ونقضي له دينه، قال جابر:(فقمت) من بين الناس (فقلت) لأبي بكر: (إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال) لي في حياته: (لو قد جاءنا مال البحرين أعطيتك) منه (هكذا وهكذا وهكذا) ثلاث مرات مشيرًا بكفيه أي نعطي لك ما يملأ الكفين ثلاث مرات (فحثى) أي حفن (أبو بكر) من الدراهم التي أتت بكفيه (مرة) واحدة ففيه إنجاز العدة، قال الشافعي والجمهور: إنجازها والوفاء بها مستحب لا واجب، وأوجبه الحسن وبعض المالكية اهـ نووي، وفي الموطأ فحفن له ثلاث حفنات، قال الزرقاني: الحفنة ما يملأ الكفين والمراد أنه حفن له حفنة وقال: عدها فوجدها خمسمائة فقال له: خذ مثليها (ثم قال لي) أبو بكر: (عدّها) أي احسب عدد هذه الحفنة، قال جابر:(فعددتها) أي حسبت عدد تلك الحفنة (فإذا هي) أي تلك الحفنة (خمسمائة) درهم أي ففاجأني كونها خمسمائة (فقال) لي أبو بكر: (خذ مثليها) أي مثلي هذه الحفنة وضعفيها معها فيكون المجموع ألفًا وخمسمائة لأن له ثلاث حثيات، وفي البخاري فحثى له ثلاثًا، وفي رواية فحثى له حثية؛ والمراد بالحثية: الحفنة على ما قال الهروي أي بمعنى وإن كان