عائشة) رضي الله تعالى عنها (أن الحارث بن هشام) المخزومي هو أخو أبي جهل شقيقه، أسلم يوم الفتح، وكان من فضلاء الصحابة، واستشهد في فتوح الشام رضي الله عنه (سأل النبي صلى الله عليه وسلم) عن كيفية إتيان الوحي إليه فقال في سؤاله: (كيف يأتيك الوحي؟ ) أي حامله يا رسول الله أي على أي (فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أحيانًا) أي أزمانًا (يأتيني) ملك الوحي صوته (في مثل صلصلة الجرس) أي مشابهًا صوته صوت الجرس، والصلصلة بفتح الصادين مع سكون اللام بينهما وهو في الأصل صوت وقوع الحديد بعضه على بعض أي صوت سقوط بعضه على بعض ثم أطلق على كل صوت له طنين، والجرس ما يعلق في عنق البعير ليطلب بصوته إذا ضاع ويُسمى الجلجل وهو كل ما يُعلق في عنق الدواب، قيل: والصلصلة المذكورة هو صوت الملك بالوحي، وقيل: صوت خفيق أجنحة الملك، والحكمة في تقدمه أن يقرع سمعه الوحي فلا يبقى فيه متسع لغيره اهـ من القسطلاني (وهو) أي إتيانه بذلك الصوت (أشده) أي أشد الوحي وأثقله (عليّ) أي إيحاؤه إليّ بذلك الصوت أثقل عليّ استلامًا منه من إيحائه إليّ بصوت رجل معروف، والتعبير بصيغة المفاضلة يُفهم منه أن الوحي كله شديد ولكن هذه الصفة أشدها وهو واضح لأن الفهم من كلام مثل الصلصلة أشكل من الفهم من كلام الرجل بالتخاطب المعهود (ثم يفصم) بفتح الياء وكسر الصاد بالبناء للفاعل أي ثم يقلع (عني) وينجلي وينكشف ويزول عني ما غشاني من الثقل والشدة بسبب الوحي قاله الخطابي، قال العلماء: الفصم بالفاء هو القطع من غير إبانة، وأما القصم بالقاف هو القطع مع الإبانة والانفصال، وفي التعبير بالفصم بالفاء إشارة إلى أن الملك فارقه ليعود إليه ولا يفارقه مفارقة قاطع لا يعود، ورُوي هذا الحرف أيضًا بلفظ يفصم على صيغة المبني للمجهول من فصم الثلاثي، ورُوي بلفظ يفصم بضم الياء وكسر الصاد من أفصم الرباعي وهي لغة قليلة ومنه أفصم المطر إذا أقلع وانقطع أي ينكشف عني ما أراه من شدة الوحي وثقله (و) الحال أني (قد وعيته) وحفظته وفهمته أي حفظت ما أوحى إليّ (وأحيانًا) أي أزمانًا يأتيني (ملك) الوحي صورته (في مثل صورة الرجل) المعروف وهو