سبق، قال القرطبي: أي ليس بالآدم الذي يغلب سمرته السواد، فإن السمرة بياض يميل إلى سواد، والسحمة بالسين فوقه، ثم الصحمة بالصاد فوقه وهو غالب لون الحبشة، ثم الأدمة فوقه وهو غالب ألوان العرب، والنبي صلى الله عليه وسلم كان بياضه مشربًا بحمرة في صفاء فصدق عليه أنه أزهر وأنه مشرب وهذا اللون هو أعدل الألوان وأحسنها اهـ من المفهم (ولا بالجعد الفطط) يروى بفتح الطاء وكسرها وهو الشديد الجعودة الذي لا يطول إلا باليد وهو حال شعور السودان (ولا بالسبط) بفتح السين وكسر الباء يعني المسترسل الذي لا تكسّر فيه وهو غالب شعور الروم، والرّجل بكسر الجيم هو الوسط بين ذينك (بعثه الله) تعالى (على رأس أربعين سنة) يعني من مولده أي عند كمال أربعين سنة بعثه رسولًا وهذا هو أكثر الأقول، وقد جاء عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه بُعث على رأس ثلاث وأربعين سنة وهو قول سعيد بن المسيب اهـ من المفهم.
قوله:(على رأس أربعين سنة) هذا ظاهر على قول من ذهب إلى أنه صلى الله عليه وسلم بُعث في الشهر الذي وُلد فيه وهو شهر ربيع الأول وهو قول المسعودي وابن عبد البر، وقال بعضهم: إنه بُعث وله أربعون سنة وعشرة أيام، وعند الجِعَابيِّ أنه بُعِثَ وله أربعون وعشرون يومًا وهذه الأقوال متقاربة ينطبق على كل منها رأسُ أربعين سنة، ولكن المشهور أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما وُلد في شهر ربيع الأول وبُعث في شهر رمضان فعلى هذا يكون له حين بُعث أربعون ونصف أو تسع وثلاثون ونصف فمن قال أربعين ألغى الكسر أو جَبَر.
(فأقام بمكة عشر سنين) يعني بعد البعث وقبل الهجرة وهذا مما اختلف فيه فقيل عشر، وقيل ثلاث عشرة، وقيل خمس عشرة (و) لم يختلف أنه أقام بالمدينة عشر سنين وتوفاه الله تعالى (على رأس سنين سنة وليس في رأسه ولحيته عشرون شعرة بيضاء) والمشهور الذي عليه الجمهور هو أنه صلى الله عليه وسلم أقام بمكة بعد بعثته ثلاث عشرة سنة كما سيأتي عن ابن عباس رضي الله عنه فإما أن يكون أنس رضي الله عنه ألغى كسر ثلاث سنين أو أنه أراد بيان مدة الوحي المتتابع وألغى مدة الفترة وإلى الأول ذهب