(٩) روى عنه في (٩) أبواب (أخبرنا شعبة) بن الحجاج البصري، إمام الأئمة ثقة، من (٧)(حدثنا موسى بن أنس) بن مالك الأنصاري البصري، قاضيها، ثقة، من (٤) روى عنه في (٣) أبواب (عن) أبيه (أنس بن مالك) رضي الله عنه. وهذا السند من خماسياته (قال) أنس: (بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم) بالنصب على المفعولية (عن أصحابه شيء) بالرفع على الفاعلية، قال الأبي: كان الشيخ ابن عرفة يقول: يحتمل أنهم أرادوا زيادة أدلة على صدقه صلى الله عليه وسلم بإخباره عن المغيبات التي سألوه عنها فوقع في نفسه من ذلك شيء من الغضب، وقال: أليس فيما رأيتم كفاية وهذا هو الذي حمل عمر رضي الله عنه على قوله: رضينا بالله ربًا .. إلخ وقال آخرون: يمكن أن يكون سببه ما بلغه صلى الله عليه وسلم من الغضب من أجل خوضهم في أسئلة لا تعنيهم ويؤيده ما سيأتي من رواية قتادة عن أنس: أن الناس سألوا نبي الله صلى الله عليه وسلم حتى أحفوه بالمسألة وألحوا عليه، فخرج ذات يوم فصعد المنبر. ويؤيده أيضًا حديث أبي موسى فيما سيأتي: وفيه سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أشياء كرهها. قال القرطبي: وقوله في هذه الرواية: (إنه بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أصحابه شيء) أي عن بعض أصحابه وذلك أنه بلغه والله أعلم أن بعض من دخل في أصحابه ولم يتحقق إيمانه هم أن يمتحن النبي صلى الله عليه وسلم بالأسئلة ويكثر عليه منها ليعجزه وهذا كان دأب المنافقين وغيرهم من المعادين له ولدين الإسلام فإنهم كانوا: {يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إلا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (٣٢)} [التوبة: ٣٢] ولذلك لما فهم النبي صلى الله عليه وسلم ذلك قال لهم في هذا المجلس: "سلوني سلوني، فوالله لا تسألوني عن شيء إلا أنبأتكم به" فكل من سأله في ذلك المقام عن شيء أخبره به أحبه أو كرهه، ولذلك أنزل الله تعالى في ذلك قوله سبحانه:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} الآية، فأدبهم الله تعالى بترك السؤال عما ليس بمهم وخصوصًا من أحوال الجاهلية التي قد عفا الله عنها وغفرها ولما سمعت الصحابة رضي الله عنهم هذا كله انتهت عن سؤال رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا في أمر لا يجدون منه بدًا، ولذلك قال أنس فيما تقدم:(نهينا أن نسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شيء فكان يعجبنا أن يجيء الرجل العاقل من أهل البادية ونحن نسمع)