قَال أنسُ بْنُ مَالِكٍ: فَأكْثَرَ الناسُ الْبُكَاءَ حِينَ سَمِعُوا ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ الله صلى الله عَلَيهِ وَسَلمَ، وَأَكْثَرَ رَسُولُ الله صلى الله عَلَيهِ وَسَلمَ أَنْ يَقُولَ: "سَلُوني" فَقَامَ عَبدُ الله بْنُ حُذَافَةَ فَقَال: مَنْ أَبِي يا رَسُولَ الله؟ قَال: "أبوكَ حُذَافَةُ" فَلَما أَكْثَرَ رَسُولُ الله صلى الله عَلَيهِ وَسَلمَ مِنْ أَنْ يَقُولَ: "سَلُوني" بَرَكَ عُمَرُ فَقَال: رَضِينَا بِاللهِ رَبا، وَبِالإِسْلامِ دِينا. وَبِمُحَمدٍ رَسُولًا. قَال: فَسَكَتَ
ــ
يسألني) اليوم عن شيء (فليسألني عنه) أي عن ذلك الشيء الذي أراده (فوالله) الذي لا إله غيره (لا تسألوني) اليوم (عن شيء) أردتموه (ألا أخبرتكم به) أي بذلك الشيء الذي سألتموه (ما دمت) قائمًا (في مقامي هذا) يعني منبره (قال أنس بن مالك) بالسند السابق: (فكثر الناس البكاء حين سمعوا ذلك) الكلام يعني قوله سلوني، قوله:(لا تسألوني عن شيء إلا أخبرتكم به) قال العلماء: هذا القول منه صلى الله عليه وسلم محمول على أنه أُوحي إليه والا فلا يعلم كل ما سُئل عنه من المغيبات إلا بإعلام الله تعالى، وقال القاضي عياض: وظاهر الحديث أن قوله صلى الله عليه وسلم: "سلوني" إنما كان غضبًا كما قال في الرواية الأخرى (سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن أشياء كرهها فلما أكثروا عليه غضب ثم قال للناس: "سلوني" قوله: (فأكثر الناس البكاء) يحتمل أن يكون سبب البكاء غضبه صلى الله عليه وسلم، ويحتمل أن يكون ما أخبر به من الفتن ومن شدة عذاب النار أي حين سمعوا ذلك القول (من رسول الله صلى الله عليه وسلم وكثر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول: سلوني فقام عبد الله بن حذافة) بن قيس بن عدي القرشي السهمي أبو حذافة رضي الله عنه من قدماء المهاجرين هاجر الهجرتين (فقال: من أبي يا رسول الله؟ ) سيأتي أنه سأل عن ذلك لأن ناسًا كانوا يطعنون في نسبه وكأنه لم يشعر أن ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم من سلوني إنما قاله تقريعًا وغضبًا واغتنم هذه الفرصة لدفع الطعن عن نسبه فـ (قال) له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أبوك حذافة، فلما أكثر رسول الله صلى الله عليه وسلم من أن يقول: سلوني برك عمر) رضي الله عنه أي جلس على ركبتيه استسلامًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتسكينًا لغضبه (فقال) عمر: (رضينا بالله ربًا وبالاسلام دينًا وبمحمد رسولًا قال) أنس: (فسكت