للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إِذْ قَال: {رَبِّ أَرِنِي كَيفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَال أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَال بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} [البقرة: ٢٦٠] ويرْحَمُ الله لُوطًا، لَقَد كَانَ يَأوي إلى رُكنٍ شَدِيدٍ. وَلَو لَبِثتُ فِي السجنِ طُولَ لَبثِ يُوسُفَ لأجَبْتُ الداعِيَ

ــ

خص إبراهيم بالذكر من بين الأنبياء لكون الآية قد يسبق منها إلى بعض الأذهان الفاسدة احتمال شك إبراهيم - عليه السلام - وإنما رجح إبراهيم على نفسه تواضعًا وأدبًا أو قبل أن يعلم صلى الله عليه وسلم أنه خير ولد آدم اهـ من الكوكب الوهاج [٣/ ٣٦٢] والظرف في قوله: (إذ قال) إبراهيم متعلق بمحذوف حال من الشك تقديره نحن أحق بالشك من إبراهيم حال كون الشك مظنونًا منه وقت قوله: {رَبِّ أَرِنِي كَيفَ تُحْيِ الْمَوْتَى} أي حالة كون الشك مظنونًا منه وقت طلبه من ربه إراءة كيفية إحياء الموتى حين قال رب أرني .. إلخ سأله عن إراءة كيفية إحياء الموتى مع إيمانه الجازم بالقدرة الربانية فكان يريد أن يعلم بالعيان ما كان يوقن به بالوجدان، فعاتبه الله على ذلك حيث ({قَال أَوَلَمْ تُؤْمِنْ}) أي أتسألني عن ذلك ولم توقن ولم تصدق بقدرتي على الإحياء، والهمزة فيه للاستفهام الاستثباتي كقول جرير:

ألستم خير من ركب المطايا

{قَال} إبراهيم: {بَلَى} يا رب آمنت وصدقت أنك قادر على الإحياء وليس سؤالي لعدم إيماني بذلك {وَلَكِنْ} سألتك عن ذلك ({لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي}) أي ليوقن قلبي ويزداد طمأنينة وبصيرة بمضامة العيان إلى الاستدلال وقصة إبراهيم هذه هي موضع الترجمة وذكر ما بعدها لإتمام الحديث، وقوله: (ويرحم الله لوطًا) معطوف على قوله: نحن أحق بالشك من إبراهيم أي وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يرحم الله لوطأ أي يكرم الله سبحانه لوطًا برحمته وإحسانه والله (لقد كان) لوط (يأوي) ويلتجئ من إذاية قومه (إلى ركن) وملجأ (شديد) أي قوي وحصن حصين مانع حافظ من إذاية العدو فالمراد بالركن الشديد هو الله تعالى حين خاف منهم على أضيافه، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في شك يوسف بن يعقوب (ولو لبثت) ومكثت (في السجن) والمحبس (طول لبث يوسف) - عليه السلام - أي لبثًا طويلًا كاللبث الطويل الذي لبثه يوسف (لأجبت الداعي) إلى الخروج، وما تأنيت قال ذلك تواضعًا، وقد مر بسط الكلام على هذا الحديث في كتاب الإيمان فراجعه ثم.

<<  <  ج: ص:  >  >>