(واتبعه) بتشديد التاء من الاتباع أي لحقه موسى (بعصاه) حالة كونه (يضربه) قائلًا (ثوبي حجر ثوبي حجر) وقوله: (حتى وقف) الحجر غاية لقوله يسعى (على ملأ) أي على جماعة (من بني إسرائيل ونزلت) في قصتهم آية ({يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا (٦٩)} [الأحزاب: ٦٩]) قال الأبي: الظاهر أن قضية الحجر هذه إنما كانت بعد النبوة لقوله: فضربه ولأن لقياه لبني إسرائيل إنما كان بعد النبوة اهـ.
[تتمة]: قوله: (كانت بنو إسرائيل يغتسلون عراة) .. إلخ، قال القرطبي: إنما كانت بنو إسرائيل تفعل ذلك معاندة للشرع ومخالفة لموسى - عليه السلام - وهو من جملة عتوهم وقلة مبالاتهم باتباع شرع موسى ألا ترى أن موسى - عليه السلام - كان يستتر عند الغسل فلو كانوا أهل توفيق وعقل اتبعوه ثم لم يكفهم مخالفتهم له حتى آذوه بما نسبوا إليه من آفة الأدرة فأظهر الله تعالى براءته مما قالوا بطريق خارق للعادة زيادة في أدلة صدق موسى - عليه السلام - ومبالغة في قيام الحجة عليهم، وفي هذا الحديث ما يدل على أن الله تعالى كمل أنبياءه خلقًا ونزههم في أول خلقهم من المعايب والنقائص المنفرة عن الاقتداء بهم المبعدة عنهم ولذلك لم يسمع أنه كان في الأنبياء والرسل من خلقه الله تعالى أعمى ولا أعرج ولا أقطع ولا أبرص ولا أجذم ولا غير ذلك من العيوب والآفات التي تكون نقصًا ووصمًا يوجب لمن اتصف بها شينًا وذمًّا ومن تصفح أخبارهم وعلم أحوالهم علم ذلك على القطع، وقد ذكر القاضي رحمه الله تعالى في الشفاء من هذا جملة وافرة ولا يعترض عليها بعمى يعقوب وبابتلاء أيوب فإن ذلك كان طارئًا عليهم محبة لهم وليقتدي بهم من ابتلي ببلاء في حالهم وفي صبرهم وفي أن ذلك لم يقطعهم عن عبادة ربهم ثم إن الله تعالى أظهر كرامتهم ومعجزاتهم بأن أعاد يعقوب بصيرًا عند وصول قميص يوسف إليه وأزال عن أيوب جذامه وبلاءه عند اغتساله من العين التي أنبع الله تعالى له عند ركضه الأرض برجله فكان ذلك زيادة في معجزاتهم وتمكينًا في كمالهم ومنزلتهم اهـ من المفهم.