أنه أعلم فسأل سؤال الذليل كيف السبيل إليه إذ (قال موسى) - عليه السلام - (أي رب) أي يا ربي ويا مالك أمري (كيف) يحصل (لي) الاتصال (به) واللقاء له دلني يا رب على طريق الوصول إليه (فقيل له) أي لموسى من جهة الله سبحانه أي أوحى إليه بأن (احمل) معك (حوتًا) أي سمكة مالحة كما صُرح به في الرواية الثانية (في مكتل) أي في زنبيل، والمكتل بكسر الميم وسكون الكاف وفتح التاء القفه وهو الزنبيل، وفي رواية يعلى عند البخاري (خذ نونًا ميتًا حيث يُنفخ فيه الروح)(فحيث تفقد) من باب ضرب أي ففي أي محل فقدت (الحوت) فيه بذهابه منك (فهو) أي فذلك العبد الأعلم منك (ثم) أي موجود هناك، وفي الحديث اتخاذ الزاد في السفر والرحلة في طلب العلم والتزويد منه ومعرفة من له زيادة علم، وقيل: إنما لجأ للخضر للتأديب لا للتعليم (فانطلق) أي ذهب موسى لطلب الخضر (وانطلق) أي ذهب (معه) أي مع موسى (فتاه) أي صاحبه وخادمه (وهو) أي ذلك الفتى (يوشع بن نون) ظاهره أن هذا التفسير جزء من الحديث، ولكن وقع بعده في رواية ابن جريج عند البخاري (ليست عن سعيد) وأوله الحافظ بأن الذي نفاه صورة السياق لا التسمية فإنها وقعت في رواية عمرو بن دينار والله أعلم.
وفي الحديث من الفقه رحلة العالم في طلب الازدياد من العلم والاستعانة على ذلك بالخادم والصاحب واغتنام لقاء الفضلاء والعلماء وإن بعدت أقطارهم وكان ذلك دأب السلف الصالح وبذلك وصل المرتحلون إلى الحظ الراجح وحصلوا على السعي الناجح فرسخت في العلوم لهم أقدام وصح لهم من الذكر والأجر أفضل الأقسام ثم إن موسى أزعجه القلق فانطلق مغمورًا بما عنده من الشوق والحرق يمشي مع فتاه على الشط ولا يبالي بمن حط لا يجد نصبًا ولا يخطئ سببًا إلى أن أويا إلى الصخرة فناما في ظلها، قال بعض المفسرين: وكانت على مجمع البحرين وعندها ماء الحياة حكى معناها الترمذي عن سفيان بن عيينة فانتضح منه على الحوت فحيي واضطرب فخرج من المكتل حتى سقط في الماء فأمسك الله جرية الماء عن موضع دخوله حتى كان مثل الطاق وهو النقب الذي يدخل منه اهـ من المفهم.
ويوشع بن نون - عليه السلام - هو الذي قام في بني إسرائيل بعد موت موسى، ونقل