قَال: {قَال هَذَا فِرَاقُ بَينِي وَبَينِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْويلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيهِ صَبْرًا (٧٨)} [الكهف: ٧٨]. قَال رَسُولُ الله صَلى الله عَلَيهِ وَسَلمَ:"يَرحَمُ الله مُوسَى، لَوَدِدتُ أنهُ كَانَ صَبَرَ حَتى يُقَصَّ عَلَينَا مِن أَخبَارِهِمَا". قَال: وَقَال رَسُولُ الله صلى الله عَلَيهِ وَسَلمَ: "كَانَتِ الأُولَى مِنْ مُوسَى نِسْيَانًا". قَال: "وَجَاءَ عُصفُور حَتَّى وَقَعَ عَلَى حَرْفِ السَّفِينَةِ، ثم نَقَرَ فِي الْبَحرِ. فَقَال
ــ
حتى تشتري بها طعامًا أي كان ينبغي لك أن تأخذ منهم أجرًا على عملك لتقصيرهم فينا مع حاجتنا وليس لنا في إصلاح الجدار فائدة فهو من فضول العمل فـ (قال) الخضر لموسى: (هذا) الوقت (فراق بيني وبينك) أي وقت الفراق بيني وبينك أو هذا الاعتراض الثالث منك سبب الفراق الموعود بقولك: (فلا تصاحبني){سَأُنَبِّئُكَ} أي سأخبرك والسين للتأكيد لعدم تراخي التنبئة {بِتَأْويلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيهِ صَبْرًا} أي بعاقبة ومآل ما لم تقدر يا موسى صبرًا عليه من الأفعال الثلاثة التي صدرت مني وهي: خرق السفينة، وقتل الغلام، وإقامة الجدار، ومالمها خلاص السفينة من اليد الغاصبة، وخلاص أبوي الغلام من شره مع الفوز ببدل حسن، واستخراج اليتيمين الكنز، وذكر الثعلبي أن الخضر قال لموسى: أتلومني على خرق السفينة وقتل الغلام وإقامة الجدار، ونسيت نفسك حين ألقيت في البحر، وحين قتلت القبطي، وحين سقيت أغنام ابنتي شعيبًا احتسابًا ذكره الحافظ في فتح الباري، قال أبي بن كعب بالسند السابق (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يرحم الله موسى) ويسامح له عن استعجاله والله (لوددت) وأحببت (أنه كان صبر) على ما فعله الخضر (حتى) يتعلم منه علومًا كثيرة عجيبة فـ (بقص) بالبناء للمجهول أي فيقص الله سبحانه (علينا) في كتابه (من أخبارهما) قصصًا كثيرة عجيبة (قال) أبي بن كعب أيضًا (وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كانت) المعارضة (الأولى من موسى نسيانًا) لعل مراده أن اعتراض موسى على الخضر عليهما السلام في خرق السفينة كان نسيانًا لما تعاهد عليه من قوله: {سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا} وأما اعتراضه الثاني على قتل الغلام فلم يكن نسيانًا للعهد بل حينما رأى الخضر يرتكب القتل لم يتمالك نفسه وأنكر عليه، وأما الثالث فكان مشورة (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وجاء عصفور) من الطير (حتى وقع) وقام (على حرف السفينة) وطرفها (ثم نقر) العصفور أي أدخل منقاره (في) ماء (البحر) ليشرب من مائه (فقال له) أي لموسى: