(قال) النبي صلى الله عليه وسلم أو الراوي في تفسير خرقها (انتحى) أي اعتمد الخضر واستند (عليها) أي على السفينة بثقل جسمه وقصد خرقها، والانتحاء في الأصل اعتماد الإبل في سيرها على أيسرها كما في القاموس، ولعل المراد أن الخضر - عليه السلام - اعتمد على لوح من ألواح السفينة باحد جانبيه لينفصل عنها بثقل جسمه والله أعلم (قال له موسى - عليه السلام -: أخرقتها لتنرق أهلها لقد جئت شيئًا إمرًا) أي ضعيف الحجة، يقال رجل إمر أي ضعيف الرأي ذاهبه يحتاج إلى أن يؤمر، قال مجاهد: منكرًا، وقال مقاتل: عجبًا، وقال الأخفش: يقال أمر أمره يأمر أمرًا إذا اشتد، والاسم: الإمر بكسر الهمزة قال الراجز:
لقد لقي الأقران مني نكرًا ... داهية دهياء إذا إمرًا
وفيه من الفقه العمل بالمصالح إذا تحقق وجهها، وجواز إصلاح كل المال بفساد بعضه (قال) الخضر لموسى: (ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبرًا، قال) موسى: (لا تؤاخذني بما نسيت) أي بنسياني وسهوي عهدك، فما مصدرية في تأويل المصدر مع فعلها (ولا ترهقني من أمري عسرًا) أي لا تكلفني ما لا أقدر عليه من التحفظ عن السهو (فانطلقا حتى إذا لقيا غلمانًا يلعبون) بين القريتين (قال) النبي صلى الله عليه وسلم: (فانطلق) الخضر (إلى أحدهم) وقوله: (بادي الرأي) ظرف لقوله: (فقتله) أي ذهب إلى أحدهم مسارعًا فقتله بادي الرأي أي في أول الأمر من غير تفكر ولا تأمل ولا تحقق رأي، وبادي يجوز فيه الهمز وتركه والمعنى عند الهمز أول الرأي وعند تركه ظاهر الرأي أي انطلق إليه مسارعًا إلى قتله من غير فكر (فذُعر) على صيغة المبني للمفعول أي فزع (عندها) أي عند تلك الفعلة التي هي قتله الغلام أي فزع (موسى - عليه السلام -) عند تلك القتلة (ذعرة منكرة) أي فزعًا شديدًا ودهش دهشًا شديدًا وعند ذلك لم يتمالك موسى أي بادر بالإنكار تاركًا للاعتذار، فـ (قال: أقتلت) يا خضر (نفسًا زاكية) أي طاهرة من الذنب