للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْتَفَتَتْ إِلَيهِ الْبَقَرَةُ فَقَالتْ: إِني لَم أُخلَق لِهذَا. وَلَكِني إِنمَا خُلِقتُ لِلحَرثِ". فَقَال الناسُ: سُبْحَانَ اللهِ، تَعَجُّبًا وَفَزَعًا. أَبَقَرَةٌ تَكَلَّمُ؟ فَقَال رَسُولُ اللهِ صَلى اللهُ عَلَيهِ وَسَلمَ: "فَإِني أُومِنُ بِهِ وَأَبُو بَكرٍ وَعُمَرُ".

قَال أَبُو هُرَيرَةَ:

ــ

ولم أر من سمى ذلك الرجل اهـ قسطلاني (فالتفتت إليه البقرة فقالت) البقرة للرجل: (إني لم أخلق لهذا) أي للحمل، والظاهر أنها تكلمت على طريق خرق العادة (ولكني إنما خلقت للحرث) أي لحرث الأرض (فقال الناس) الحاضرون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم (سبحان الله) أي تنزيهًا لله الذي كلم البقرة من كل النقائص (تعجبًا) من كلام البقرة (وفزعًا) أي خوفًا من عذاب الله الذي كلم البقرة (أبقرة تكلم) أي هل بقرة تتكلم، مضارع تفعل الخماسي بحذف إحدى التائين لتوالي الأمثال، والهمزة للاستفهام التعجبي، وبقرة مبتدأ سوغ الابتداء بالنكرة كونه خرقًا للعادة وتقدم الاستفهام عليه، وجملة تكلم خبر المبتدأ قالوا ذلك تعجبًا واستغرابًا لا شكًّا وارتيابًا فيما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم والعياذ بالله من ذلك (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم) حين قالوا ذلك (فإني أومن) وأصدق (به) أي بكلام البقرة (و) يصدق أيضًا (أبو بكر وعمر) رضي الله تعالى عنهما، والفاء في قوله فإني أومن واقعة في جواب شرط محذوف تقديره أي فإن كان الناس يستغربون فإني لا أستغربه وأومن به وأبو بكر وعمر اهـ من المرقاة.

قال الحافظ في الفتح [٦/ ٥١٨] وهذا محمول على أنه كان أخبرهما فصدقاه أو أطلق ذلك لما اطلع عليه من أنهما يصدقان بذلك إذا سمعاه ولا يترددان فيه. (قلت): والظاهر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذلك ثقة بهما لما كان يعرف من قوة إيمانهما، وأنهما لا يستغربان ذلك إذا سمعا رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبر بذلك، وفيه فضيلة ظاهرة لهما اهـ.

وقال القرطبي: وفي الحديث دليل على أن البقرة لا يحمل عليها ولا تركب وإنما هي للحرث وللأكل والنسل والرِّسْلِ (اللبن) وفيه ما يدل على وقوع خرق العوائد على جهة الكرامة أو على جهة التنبيه لمن أراد الله به الاستقامة، وفيه ما يدل على علم النبي صلى الله عليه وسلم بصحة إيمان أبي بكر وعمر ويقينهما وأنه كان ينزلهما منزلة نفسه ويقطع على يقينهما، وهذه خصوصية عظيمة ومنزلة رفيعة لهما، و (قال أبو هريرة) أيضًا:

<<  <  ج: ص:  >  >>