[التقسيم الرابع باعتبار كيفية الاستعمال للاستعارات]
اعلم أن الاستعارة تجرى فى استعمالها على أوجه أربعة نذكرها.
[الوجه الأول استعارة المحسوس للمحسوس]
وهذا كقوله تعالى: كَأَنَّهُنَّ الْياقُوتُ وَالْمَرْجانُ
[الرحمن: ٥٨] شبه الحور العين بالمرجان والياقوت فى شدة الحمرة والرقة وهكذا قوله تعالى:
كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ
[الصافات: ٤٩] شبههن بالبيض فى بياضه ورقته ولطافته، فهذه استعارة مقدرة بتقدير طرح أداة التشبيه فتكون استعارة محققة، كما أن كل ما كان من الاستعارة يطوى فيه ذكر المشبه فهو من التشبيه المقدر كقولك: رأيت أسدا، ولقينى أسد، كما مر بيانه. ومثال الاستعارة المحققة فى المحسوسين قوله تعالى: وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً
[مريم: ٤] فالمستعار النار، والمستعار له هو الشيب، بواسطة الانبساط ومنه قوله تعالى: وَتَرَكْنا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ
[الكهف: ٩٩] فالموجان، حركة المآء فى الأصل، فاستعير للقلق والفشل والاضطراب فى الأمر. ومن هذا قوله تعالى: إِذْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ
[الذاريات: ٤١] فالمستعار منه المرأة التى لا تلد ولدا، والمستعار له الريح، لأنها لا تصلح شيئا ولا ينمو بها نبات. وقوله تعالى: نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ
[يس: ٣٧] فالمستعار له خروج النهار من ظلمة الليل، والمستعار منه ظهور المسلوخ من جلدته، فلما كان النهار من شدة الاتصال بالليل كاتصال الجلد بالمسلوخ منه، لا جرم حسنت الاستعارة، وهو باب واسع فى كتاب الله تعالى والسنة الشريفة.
[الوجه الثانى استعارة المعقول للمعقول]
وهذا كقوله تعالى: مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا
[يس: ٥٢] فاستعار الرقاد للموت، وكلاهما أمر معقول. وقوله تعالى: وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ
[الأعراف: ١٥٤] فالسكوت عبارة عن زوال الغضب وارتفاعه: وهما أمران عقليان. ومنه قوله تعالى: وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ
[الفرقان: ٢٣] استعير من قدوم المسافر بعد مدة والمستعار له، هو الجزاء بعد الإمهال. وقوله تعالى: تَكادُ تَمَيَّزُ مِنَ