أما دلالة التضمن، ودلالة الالتزام، فهما عقليّتان لأن اللفظ إذا وضعه الواضع لمسماه انتقل الذهن من المسمى إلى لازمه، ثم لازمه إن كان داخلا فى المسمّى، فهو التضمن. وإن كان خارجا عنه، فهو الالتزام.
التنبيه الثانى: دلالة المطابقة على جزء المسمى مخالفة لدلالة التضمّن،
لأن دلالة المطابقة كما هى دالة على الحقيقة الكلية فهى دالّة أيضا على أن كل واحد من أجزائها الخاصة لكن دلالة المطابقة على جزء الحقيقة من جهة الاشتراك بخلاف دلالة التضمّن، فإن دلالتها على جزء الحقيقة من جهة الاشتراك بخلاف دلالة التضمن فإن دلالتها على جزء الحقيقة من جهة الخصوصية لا غير، فافترقا. وهكذا القول فى دلالة الالتزام، فإن دلالة المطابقة على لوازم الحقيقة من جهة الاشتراك لأنها كما تدل على كل الحقيقة فهى دالة على لازمها بخلاف دلالة الالتزام، فإن دلالتها على جهة الخصوص فى لازم الحقيقة فافترقا.
[التنبيه الثالث: المعتبر فى دلالة اللزوم إنما هو اللزوم الذهنى دون الخارجى]
لأن العرض والجوهر بينهما ملازمة خارجية، ولا يستعمل اللفظ الدال على أحدهما دالّا على الآخر.
والضدان متنافيان. وقد يستعمل اللفظ الدال على أحدهما فى الآخر كقوله تعالى وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها
[الشورى: ٤٠] وإنما المقصود هو اللازم الذهنى. ثم هذا اللزوم شرط وليس موجبا، ولهذا فإن الكون فى الجهة شرط فى وجود الجوهر، وليس موجبا له، فحصل من مجموع ما ذكرناه معرفة التفرقة بين هذه الدلائل الثلاث وأن دلالة المطابقة على ما يدل عليه التضمن والالتزام إنما كان من جهة الاشتراك وأن دلالتها على ما يدلان عليه من الخصوص لا غير فلهذا افترقت.
[التقسيم الثانى]
اللفظ: إمّا أن لا يدل شىء من أجزائه على شىء حين كان جزءا له، وإما أن يدل على كل واحد من أجزائه على شىء حين كان جزءا له فهذان ضربان.
الضرب الأول منهما: هو [المفرد]
فإن كل واحد من أجزائه لا يدل على شىء حين هو جزؤه، وتقسيمه على أوجه ثلاثة:
[الوجه الأول:]
اللفظ المفرد إما أن يكون معناه مستقلا بالمفهومية بحيث لا يحتاج فى فهم