القانون النحوى، وتمتنع الزيادة عليه، وإن لم يحصل فقد زال قانون النحو، ولا فائدة فيه لأنه خارج، فإذن لا وجه لدخول الزيادة والنقصان فى النحو كما لخصناه، وعلى هذا يكون تشبيه النحو بالملح ليس كما اعتقده، وإنما هو من جهة الإصلاح كما أشرنا إليه، فتقرر بما حققناه أن التشبيه قد يكون من جهة ويظن أنه من جهة أخرى، وعند هذا يقع الغلط، وهكذا الحال فى قوله عليه السلام:«المؤمن كالسنبلة، يعوج أحيانا ويقوم أخرى» فجهة التشبيه هو أنه أراد أن المؤمن يواقع الذنب فيتوب منه، ويسترجع مرة بعد أخرى، والكافر كالأرزة، يعنى أنه إذا هفا فى الذنب لم يتذكر ولم يسترجع، فهو كالأرزة، إذا انجعفت لم تقم أبدا، ويحتمل أن يكون مراده أنه لا يتوب إلا عند الموت بحيث لا يقوم، ولا تنفعه التوبة (كالأرزة) إذا انجعفت لا يرجى لها استقامة بحال فما خالف هذه الجهات فى التشبيه يكون خطأ بلا مرية.
[الحكم الثانى]
هو أن الأمر الذى يقع به التشبيه منقسم إلى ما يمكن إفراد أحد أجزائه بالذكر، وإلى ما يتعذر ذلك فيه، فمثال الأول قوله تعالى: مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْراةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوها كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً
[الجمعة: ٥] فإن شئت جعلت التشبيه مطلق الحمار فى الغباوة والجهل والبلادة وسقوط النفوس عن كريم الخصال، وشريف الفعال، وهذه حالة اليهود، وإن شئت جعلته مركبا، وهو أنه ليس الغرض إفراد الحمار بالتشبيه، ولكن الغرض تشبيه حالهم فى كونهم حملوا التوراة ثم لم يحملوها حمل مثلها فى امتثال أوامرها ونواهيها، كمثل الحمار فى حمله للأسفار، فمثلوا فى السخف بحال الحمار الحامل فوق ظهره، جعل مثلا لما كلفوه من الأحكام الشرعية و «أسفارا» جعل مثلا لنفاسة المحمول، وعدم انتفاع الحامل به، فصار حاصل الأمر أنهم مشبهون بالحمار الحامل فوق ظهره كتبا لا يدرى حالها، ولا ينتفع بها، ومن هذا قول بشار:
وكأن أجرام السماء لوامعا ... درر نثرن على بساط أزرق
فإن شئت جعلته من المفرد فقلت: كأن النجوم فى ضوئها درر، وكأن السماء فى زرقتها بساط أزرق، فهذا مقول على انفراده، وإن شئت جعلته من باب المركب فقلت: لم يكن