[الصنف الثانى والعشرون الترجيع فى المحاورة]
والترجيع تفعيل من قولك رجّعت الشىء إذا رددته، ويسمى الترجيع رجيعا، وهو ما يخرج من بطن ابن آدم «١» لأنه يتردد فيه، ويقال للسماء ذات الرجع، لأن المطر يتردد فى نزولها منها. وهو فى مصطلح علماء البيان عبارة عن أن يحكى المتكلم مراجعة فى القول ومحاورة جرت بينه وبين غيره بأوجز عبارة وأخصر لفظ فينزل فى البلاغة أحسن المنازل وأعجب المواقع، ومن جيد ما يورد من أمثلتها ما قاله بعض الشعراء:
قالت ألا لا تلجن دارنا ... إنّ أبانا رجل غائر
أما رأيت الباب من دوننا ... قلت فإنّى واثب ظافر
قالت فإنّ الليث عاديّة ... قلت فسيفى مرهف باتر
قالت أليس البحر من دوننا ... قلت فإنى سابح ماهر
قالت أليس الله من فوقنا ... قلت بلى وهو لنا غافر
قالت فإمّا كنت أعييتنا ... فأت إذا ما هجع السّامر
واسقط علينا كسقوط النّدى ... ليلة لا ناه ولا آمر «٢»
وألطف من هذا قول أبى نواس فى شعره:
قال لى يوما سليما ... ن وبعض القول أشنع
قال صفنى وعليا ... أيّنا أتقى وأورع
قلت إنّى إن أقل ما ... فيكما بالحقّ تجزع
قال كلّا قلت مهلا ... قال قل لى قلت فاسمع
قال صفه قلت يعطى ... قال صفنى قلت تمنع «٣»
ومن جيده ما قاله البحترى: