للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واردا دلالة على الاختصاص، وهذا كقوله تعالى: أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ (٦٣)

[الشورى: ٥٣] لأن المعنى أن الله تعالى مختص بصيرورة الأمور إليه دون غيره، ونحو قوله تعالى: إِنَّ إِلَيْنا إِيابَهُمْ

[الغاشية: ٢٥- ٢٦] وقوله تعالى: لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ١

[التغابن: ١] فهذه الظروف لا وجه لتقديمها على عاملها إلا ما ذكرناه من الاختصاص، وثانيهما أن يكون تقديمه من أجل مراعاة المشاكلة لرءوس الآى فى التسجيع، وهذا كقوله تعالى: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ (٢٢) إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ (٢٣)

[القيامة: ٢٢- ٢٣] ليطابق قوله: باسِرَةٌ (٢٤)

[القيامة: ٢٤] فاقِرَةٌ (٢٥)

[القيامة:

٢٥] ونحو قوله وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ (٢٩) إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ (٣٠)

[القيامة: ٢٩- ٣٠] وقوله تعالى: إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ (١٢)

[القيامة: ١٢] ليطابق قوله: بِما قَدَّمَ وَأَخَّرَ (١٣)

[القيامة: ١٣] ومثل قوله تعالى: وَإِلَيْنا يُرْجَعُونَ (٤٠)

[مريم: ٤٠] ، عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (٨٨)

[هود: ٨٨] فهذا وأمثاله إنما قدم ليس من جهة الاختصاص، وإنما كان من أجل ما ذكرناه من المطابقة اللفظية فى تناسب الآى وتشاكلها، وقد يظن الظان أن تقديم الظرف إنما يكون مقصورا على الاختصاص، وليس الأمر كما ظنه كما حققناه، بل كما يحتمل المشاكلة كما أشرنا إليه فهو يحتمل الاختصاص، فهما محتملان كما ترى، والتحكم بأحدهما لا وجه له، وأما إذا كان واردا فى النفى فقد يرد مقدما، وقد يرد مؤخرا، فإذا ورد مؤخرا أفاد النفى مطلقا من غير تفصيل، وهذا كقوله تعالى: لا رَيْبَ فِيهِ

[البقرة: ٢] فإنه قصد أنه لا يلصق به الريب ولا يخالطه، لأن النفى التصق بالريب نفسه، فلا جرم كان منتفيا من أصله، بخلاف ما لو قدم الظرف فإنه يفيد أنه مخالف لغيره من الكتب فإنه ليس فيه ريب، بل فى غيره كما لو قلت: لا عيب فى هذا السيف، فإنه نفى العيب عنه على جهة الإطلاق، بخلاف ما لو قلت: هذا السيف لا فيه عيب، ولهذا أخره ههنا وقدمه فى قوله تعالى: لا فِيها غَوْلٌ وَلا هُمْ عَنْها يُنْزَفُونَ (٤٧)

[الصافات: ٤٧] لأن القصد ههنا تفضيلها على غيرها من خمور الدنيا والمعنى أنه ليس فيها ما فى غيرها من الغول، وهو الخمار الذى يصدع الرءوس، أو يريد أنها لا تغتالهم بإذهاب عقولهم كما فى خمور الدنيا وَلا يُنْزِفُونَ (١٩)

[الواقعة: ١٩] أى لا يسكرون، من الإنزاف وهو السكر.

الصورة الرابعة [الحال]

فإنك إذا قدمته فقلت: جاء ضاحكا زيد، فإنه يفيد أنه جاء على هذه الصفة

<<  <  ج: ص:  >  >>