للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[التقسيم الأول باعتبار ذاته إلى مفرد ومركب]

، ونعنى بالمفرد ما كان التشبيه فيه مقصورا على تشبيه صورة بصورة من غير زيادة، أو صورة بمعنى، ونعنى بالمركب ما كان التشبيه فيه تشبيها لأمر بأمرين أو بأكثر كما ستراه موضحا فى الأمثلة بمعونة الله تعالى، فإذن هذا التقسيم مشتمل على ضروب أربعة:

[الضرب الأول منها تشبيه المفرد بالمفرد]

وهذا كقوله تعالى:

فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّماءُ فَكانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهانِ

[الرحمن: ٣٧] شبهها بالدهان لحمرتها، وهو الجلد الأحمر وكقوله تعالى تَهْتَزُّ كَأَنَّها جَانٌ

[النمل: ١٠] وقوله تعالى: فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ

[الفيل: ٥] إلى غير ذلك من التشبيهات المفردة الواردة فى القرآن، وقوله صلّى الله عليه وسلّم «مثل المؤمن الذى يقرأ القرآن، كمثل الأترجّة، طعمها طيب وريحها طيب، ومثل المؤمن الذى لا يقرأ القرآن كمثل التمرة، طعمها طيب ولا ريح لها، ومثل المنافق الذى لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة، طعمها مر ولا ريح لها، ومثل المنافق الذى يقرأ القرآن، كمثل ريحانة، ريحها طيب ولا طعم لها» . ومنه قولهم زيد كالأسد، وعمرو كالبحر، وقول أمير المؤمنين كرم الله وجهه فى الشّقشقية، فصاحبها كراكب الصعبة، إن أشنق لها خرم، وإن أسلس لها تقحم، وقوله فى مخاطبة طلحة والزبير، والله لا أكون كالضبع، تنام على طول اللّدم حتى يصل إليها طالبها.

ومن التشبيه الفائق قول امرىء القيس:

كأن عيون الوحش حول خبائنا ... وأرحلنا الجزع الذى لم يثقب

وقول زهير:

بكرن بكورا واستحرن بسحرة ... فهن بوادى الرس كاليد للفم

ولقد أجاد زهير فى هذا التشبيه وأبدع فيه، ومنه قول ذى الرمة:

قف العيس فى أطلال مية فاسأل ... رسوما كأخلاق الرداء المسلسل

ومثله قول أبى تمام:

خرقاء تلعب بالعقول مزاجها ... كتلعب الأفعال بالأسماء

وكقول ابن المعتز فى وصف العنب:

حتى إذا حرّ آب جاش مرجله ... بفائر من هجير الشمس مستعر

ظلت عناقيده يخرجن من ورق ... كما احتبى الزنج فى خضر من الأزر

<<  <  ج: ص:  >  >>