وما هذا حاله فهو كثير الدّور فى كتاب الله تعالى، ولابد أن يكون بينهما نوع ملاءمة لأجله جاز عطف إحداها على الأخرى، كقوله تعالى: يُخادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خادِعُهُمْ
[الانفطار: ١- ٤] فهذه الأمور كلها عطف بعضها على بعض بجامع يجمعها، وهو كونها من أمارات القيامة، ومن هذا قوله تعالى: كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ (١٢) وَعادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوانُ لُوطٍ (١٣) وَأَصْحابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ
[ق: ١٢- ١٤] فإنما جاز العطف فى هؤلاء بعضهم على بعض، باعتبار أمر جامع، وهو تكذيب الرسل وجحد ما جاءوا به من المعجزات الظاهرة، فهم وإن اختلفوا وتباينوا فهم متفقون فيما ذكرناه، وهكذا قوله تعالى: وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ
[الأنعام: ١] إنما عطف أحدهما على الآخر باعتبار كونهما ضدين، والضد ملازم لضده، فهذا هو الذى سوغ العطف فيهما، ولا تزال فى تصفحك لآى التنزيل، واستهلال أسراره تطلع على فوائد جمة، ونكت غزيرة.