الخروج، والنبات، والأخذ، من القادر الفاعل، فإذا استعملت فى صدورها من الأرض فقد استعملت الصيغة فى غير موضوعها، فلا جرم حكمنا بكونها مجازات لغوية.
وقد زعم ابن الخطيب الرازى أن المجازات المركبة كلها عقلية، وهذا فاسد لأمرين، أما أولا: فلأن فائدة المجاز ومعناه حاصل فى المجازات المركبة من كونه أفاد معنى غير مصطلح عليه، فلهذا كان المركب بالمعانى اللغوية أشبه، وأمّا ثانيا: فلأن المجاز المفرد فى قولنا: زيد أسد قد وافقنا على كونه لغويا، فيجب أن يكون المركب أيضا كذلك، والجامع بينهما أن كل واحد منهما قد أفاد غير ما وضع له فى أصل تلك اللغة، فوجب الحكم عليه بكونه لغويّا.
[المسئلة الثالثة فى ذكر الأحكام المجازية]
اعلم أنا قد أشرنا إلى تقسيم المجاز فى مفرده ومركبه، وذكرنا فى المفرد أنواعا ترتقى إلى خمسة عشر، وهي وإن تفرّقت في التعديد فهى في الحقيقة راجعة إلى أودية المجاز المعتمدة فيه وهى: التوسع، والاستعارة، والتمثيل، لا تخرج عنها، وإنما أوردناها مفصّلة لما أوردها ابن الخطيب، وكان مولعا بتكثّر التقسيم وله شغف به ويحصل المقصود بذكر الأحكام.
[الحكم الأول]
الأصل فى إطلاق الكلام أن يكون محمولا على الحقيقة ولا يعدل إلى المجاز إلا لدلالة، فإذا، المجاز على خلاف الأصل لا محالة لأدلّة ثلاثة:
أولها: أنا نقول اللفظ إذا تجرّد عن القرينة، فإمّا أن يحمل على حقيقته وهذا هو المطلوب، فإن الحقيقة هى الأصل، وإما أن يحمل على مجازه، وهو باطل لأن الشرط المعتبر فى حمله على مجازه إنما هو حصول القرينة، ولا قرينة هناك وإمّا أن لا يحمل على حقيقته، ولا على مجازه، وهو باطل لأنه على هذا التقدير يخرج عن أن يكون مستعملا، ونلحقه بالمهملات، وإما أن يحمل عليها جميعا، وهذا باطل أيضا لأنه لو قال الواضع، احملوا هذا اللفظ عليهما جميعا كان حقيقة فى مجموعهما وإن قال: احملوه إما على هذا أو على هذا أو على ذاك، كان مشتركا بينهما وكان حقيقة فيهما. فإذا بطلت هذه الأقسام كلّها تعين ما قلناه من حمله على الحقيقة عند التجرد.
وثانيها: أن المجاز لا يمكن تحققه إلا عند نقل اللفظ من شىء إلى شىء آخر لعلاقة