فالإبهام إنما وقع فى قوله ثلاثة تشرق الدنيا، وهو واقع فى موضع المبتدأ وبيانه إنما وقع بركنه الثانى وهو خبر المبتدأ، وهكذا قوله «يحكى أفاعيله» فإن الإبهام واقع فيه، وقد فسره بقوله الغيث والليث والصمصامة الذكر، فهذه الأمور كلها فاعلة لقوله يحكى أفاعيله، فلأجل هذا قضينا فيها بأن الركن الثانى وهو الفاعل يفسر الركن الأول، وهو قوله يحكى أفاعيله، فلأجل ملازمة أحد الركنين لصاحبه لا جرم جاز أن يكون أحدهما مفسرا للآخر كما أشرنا إليه،
[الوجه الثانى أن يأتى على خلاف الأول،]
وهو أن يكون الثانى مفسرا للأول بالصفة، وهذا كقول الفرزدق يمدح أقواما:
لقد جئت قوما لو لجأت إليهم ... طريد دم أو حاملا ثقل مغرم
لألفيت منهم معطيا أو مطاعنا ... وراءك شزرا بالوشيج المقوّم «٢»
فلما عدّد تلك الأمور الثلاثة المجحفة بالإنسان الطّرد والثّقل والإعدام على من رواه «معدم» فأما من رواه بالراء وهو الصحيح فهما أمران، الطرد وحمل الثقل الذى يغرم لأجله عقّبه بأمرين كل واحد منهما موضح لما قاله على جهة المقابلة بما يصلح له فقابل الطّرد بالطعان حوله حتى يستنصر من حقه، وقابل قوله حمل ثقل المعدم، بقوله معطبا ليجبر فقره فهكذا حال التفسير يأتى على هذين الوجهين وما أشبههما، فإذا حصل على الصفة التى يكون فيها بيان لما سبقه فهو تفسير، وإن اختلفت فيه الأمثلة.
[الصنف الخامس عشر فى المبالغة]
وهى مصدر من قولك بالغت فى الشىء مبالغة إذا بلغت أقصى الغرض منه، وفى مصطلح علماء البيان هى أن تثبت للشىء وصفا من الأوصاف تقصد فيه الزيادة على غيره، إما على جهة الإمكان، أو التعذر، أو الاستحالة. فقوله أن تثبت للشىء وصفا عن الأوصاف عام يندرج فيه ما فيه مبالغة، وما ليس فيه مبالغة، وقوله تقصد فيه الزيادة على