للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الجهة الثامنة من الطعن على القرآن بظهور المناقضة فيه]

وهذا ظاهر لمن تأمله، فإن آيات التنزيه لذاته عن مشابهة الممكنات كقوله تعالى: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (١١)

[الشورى: ١١] تناقضها آيات التشبيه كقوله تعالى: وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ

[الرحمن:

٢٧] وقوله تعالى: بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ

[المائدة: ٦٤] وآيات الجهة كقوله تعالى: وَجاءَ رَبُّكَ

[الفجر: ٢٢] وقوله تعالى: عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى (٥)

[طه: ٥] وهكذا آيات الجبر فى مثل قوله تعالى: خَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ

[الأنعام: ١٠٢] وقوله تعالى: وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ

[الإنسان: ٣٠] وقوله تعالى: وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ (٩٦)

[الصافات: ٩٦] تناقض آيات التنزيه عن خلق القبائح كقوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً

[يونس:

٤٤] وقوله تعالى: وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً (٤٩)

[الكهف: ٤٩] إلى غير ذلك من الآيات المتناقضة فى ظواهرها.

والجواب عما أوردوه أن برهان العقل قد دل على تنزيه الله تعالى فى ذاته عن مشابهة الممكنات، ودل على تنزيهه عن نسبة القبيح إليه، فإذا ورد فى الشرع ما يناقض قاعدة العقل، يجب تأويله على ما يكون موافقا للعقل، لأن هذه الظواهر محتملة، ومادل عليه العقل غير محتمل، فيجب تنزيل المحتمل على ما يكون محتملا، يؤيد ما ذكرناه ويوضحه أن البراهين العقلية لا يخلو حالها، إما أن تكون محتملة للخطأ، أو غير محتملة، فإن كان الأول، لزم تطرق الخطأ إلى الأمور السمعية كلها، لأنه لا يمكن القطع بكون الكتاب والسنة حجة إلا بالعقل، فالقدح فى الأصل يتضمن لا محالة القدح فى الفرع، وإن كان الثانى فنقول حمل الكلام على المجاز محتمل فى جميع هذه الظواهر، وحمل الأدلة العقلية على غير مدلولها غير محتمل، فإذا تعارضا كان التصرف فى المحتمل أحق من التصرف فى غير المحتمل، فهذا القانون كاف فى دفع التناقض عن الظواهر القرآنية، ويجب ردها إليه فأما تأويل كل آية على حيالها، والجواب عما ورد من ظواهر الآى المتناقضة، فالكلام فيه طويل، وقد أفرد لها العلماء كتبا، وقد أوردها الشيخ العالم النحرير الطريثيثى فى كتابه فأغنى ذلك عن إيرادها.

[الجهة التاسعة من الطعن على القرآن فى وصفه]

وحاصل ما قالوه فى هذه وهى مخالفة لما

<<  <  ج: ص:  >  >>