ويعرض له ما يعرض للمسند إليه فى وجوه، ويخالفه فى وجوه، وجملة ما يذكر من حاله أمور عشرة، أولها ذكره للبيان كقوله تعالى: اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ
[البقرة: ١٠] إلى غير ذلك من الآيات التى يذكر فيها الخبر عن المبتدأ، أو الفعل المسند إلى فاعله، وثانيها حذفه للاتكال على القرينة كقوله تعالى: قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ
[الإسراء: ١٠٠] فإنما حذف الفعل ههنا، لقيام حرف الشرط وهو «لو» مقام الفعل، من أجل كونه مؤذنا بالفعل، من جهة أن الشرط لا يليه إلا الفعل، لأن التقدير فيه قل لو ملكتم، فلما حذف الفعل لا جرم انفصل الضمير، ونحو قوله تعالى: فَصَبْرٌ جَمِيلٌ
[يوسف: ١٨] أى فصبر جميل أجمل، فحذف الخبر للقرينة الدالة على حذفه، وهذا قد ذكرناه مثالا فى جواز حذف المبتدأ فهو محتمل للأمرين كما ترى «نعم» يقال أيهما يكون أرجح فنقول: كلا الوجهين لا غبار عليه، خلا أن حذف الخبر فيه يكون أقوى لأمرين، أما أولا فلأن حذف الخبر أكثر وجودا، وأعم جريانا فى لغة العرب، فكان حمله على الأكثر أحق من حمله على الأقل، وأما ثانيا فلأنا نجد فى كلام العرب أن حذف الخبر قد يكون قياسا فى نحو قولك: لولا زيد لأكرمتك، ولا يكاد يكون حذف المبتدأ قياسا، فلهذا كان حمله عليه أولى، وقد نظرنا فى كتاب الإيجاز: أن الأقوى هو حذف المبتدأ قياسا، فلهذا كان حمله عليه أولى، وقد نظرنا فى كتاب الإيجاز: أن الأقوى هو حذف المبتدأ لأمر ذكرناه هناك، ومن أمثلته قوله تعالى: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ
[الزمر: ٣٨] أى خلقهن الله، فحذف المسند به لقيام القرينة على حذفه، وتقول: زيد منطلق وعمرو، فتحذف خبر عمرو، لتقدم ما يدل عليه، ونحو قولك: خرجت فإذا الأسد، أى فإذا الأسد واقف، وثالثها كونه اسما لأنه هو الأصل، وإنما يعدل إلى غيره لقرينة، نحو زيد منطلق، وزيد أخوك، قال الله تعالى اللَّهُ رَبُّنا وَرَبُّكُمْ
[الشورى: ١٥] وقال تعالى: اللَّهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ
[الزمر: ٦٢] وإنما كان اسما لأنه يفيد الاستمرار على تلك الصفة من غير تجدد، بخلاف ما لو كان فعلا فإنه يدل على خلاف ذلك، وأنشد النحاة: