للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الباب الثالث فى مراعاة أحوال التأليف وبيان ظهور المعانى المركبة]

اعلم أن جميع ما أسلفناه إنما هو كلام فى الأمور الإفرادية إلا أن يعرض عارض فيجرى فى الأمور المركبة، والذى نذكره الآن إنما هو كلام فى الأمور المركبة، إلا أن يعرض ما يوجب الإفراد، وقبل الخوض فيما نريده من ذلك نذكر تمهيدا لما نريد ذكره من بعد، وينبنى على قواعد ثلاث.

القاعدة الأولى [مراعاة ما يقتضيه علم النحو]

يجب على الناظم والناثر فيما يقصد من أساليب الكلام مراعاة ما يقتضيه علم النحو أصوله وفروعه من تعريف المبتدأ وتقديمه وجوبا، إذا كان استفهاما، أو شرطا، وجوازا فى غير ذلك، ومراعاة تنكير الخبر، وتقديمه إذا كان المبتدأ نكرة، وأن يراعى فى الشرط والجزاء، كون الجملة الأولى فعلية وجوبا، والثانية بالفاء إذا كانت جملة اسمية، أو فعلية إنشائية، كالأمر والنهى، أو خبرية ماضية، وأن يأتى بالواو فى الجملة الاسمية إذا وقعت حالا، وتحذف مع المضارع المثبت، وأن يضع كل حرف لما يقتضيه معناه بالأصالة، فيأتى «بما» لنفى الحال و «بلا» لنفى الاستقبال و «بإن» الشرطية فى المواضع المحتملة المشكوك فيها و «بإذا» فى المواضع الصريحة و «بإذ» لما مضى وينظر فى الجمل، وما يجب من مراعاة عود الضمير فيها وما لا يجب، ويتصرف فى التعريف والتنكير، والتقديم والتأخير، والإضمار، والإظهار ومواضع الاتصال والانفصال فى الضمائر، وتعلقات الحروف إلى غير ذلك مما توجبه صناعة علم الإعراب، ويوجبه حكمه.

القاعدة الثانية [مراعاة ما يقتضيه اللفظ من الحقيقة والمجاز]

يجب عليهما مراعاة ما يقتضيه اللفظ من الحقيقة والمجاز، واعلم أن المجاز يدخل دخولا أوليا، وله مدخل عظيم، وهو أحق بالاستعمال فى باب الفصاحة والبلاغة، وقد شرحنا قوانينه فيما سبق فأغنى ذلك عن الإعادة، والذى نريد ذكره ههنا هو أن فائدة الكلام الخطابى إنما يكون لإثبات الغرض المقصود فى نفس السامع، وتمكنه فى نفسه على جهة التخيل والتصور، حتى يكاد ينظر إليه عيانا، وبيان ذلك أنا إذا قلنا زيد أسد، فإنه يفيد فائدة قولنا زيد شجاع، لكن التفرقة بين القولين فى التصور والتخيل ظاهرة، فإن

<<  <  ج: ص:  >  >>