اعلم أن منزلة المعنى من اللفظ هى منزلة الروح من الجسد، فكل لفظ لا معنى له فهو بمنزلة جسد لا روح فيه ومفهوم علم المعانى، هو إدراك خواص مفردات الكلم بالتقديم والتأخير، وفهم مركباتها، ونعنى بقولنا إدراك خواص المفردات فى التقديم والتأخير ما يفهم من قولنا زيد منطلق، ومنطلق زيد، ومن الكرام زيد، وزيد من الكرام، وبقولنا وفهم مركباتها، وهو ما فى قولك زيد قائم، وإن زيدا لقائم، فكل واحد من هذه الصور يفيد معنى غير ما يفيده الآخر من أجل التركيب، وهكذا القول فى جميع التراكيب، فإنها دالة على معان بديعة، ومرشدة إلى أسرار عجيبة، فإذا عرفت هذا فالنظر فى هذه الآية من جهة من علوم المعانى إما أن يكون نظرا فى مفرداتها، وتقديم ما يقدم منها، وتأخير ما يؤخر، وإما أن يكون نظرا فى تركيب جملها، فهذان نظران نتصدى للنظر فيهما.