وإطباقها أخرى، فأما تشبيه المركب بالمركب، فإنه يجمع أوصافا مختلفة، كالشكل واللون والإضاءة والحركة، ومثاله ما قاله بعضهم: والشمس كالمرأة فى كف الأشلّ.
فإن هذا التشبيه يريك مع الاستدارة والإشراق الحركة التى تراها للشمس إذا تأملتها، وذلك أن الشمس لها حركة متلألئة دائمة، ولنورها بسبب ذلك تموج واضطراب ولا يحصل هذا التشبيه إلا بمرآة فى كف أشل، لأن حركتها تدوم وتتصل ويكون لها سرعة وتموج، وتلك حالة الشمس فإن ترى شعاعها كأنه يهم أن ينبسط، وأجود من هذا التشبيه فى اجتماع هذه الأمور قول المهلب الوزير:
الشمس من مشرقها قد بدت ... مشرقة ليس لها حاجب
كأنها بوتقة أحميت ... يجول فيها ذهب ذائب
ولنقتصر على هذا القدر من الكيفيات ففيه كفاية فيما نريده بمعونة الله تعالى.
[المطلب الرابع فى ذكر أحكام التشبيه]
وهى كثيرة، ولكنا نورد ما تمس الحاجة إليه
[الحكم الأول هو أنه لابد من رعاية جهة التشبيه،]
ويجب أن لا يتعدى فى التشبيه عن الجهة المقصودة، وإلا وقع الخطأ لا محالة، ومثاله قوله صلّى الله عليه وسلّم «الكمأة جدرى الأرض» فالغرض من كلامه عليه السلام فى تشبيه الكمأة بالجدرى هو أنها مفسدة لها كما أن الجدرى يفسد الوجه والبدن، وليس المقصود من التشبيه هو الاتصال، فإن مثل هذا لا فائدة فيه ولا ثمرة تحته، فإن الاتصال، غرض حقير لا يقصد التشبيه لأجله، وكما يقال: النحو فى الكلام كالملح فى الطعام فإن المقصود من هذا التشبيه هو أن الكلام لا يجدى ولا يكون فيه نفع إلا بمراعاة الأحكام النحوية، كما أن الطعام لا ينفع ما لم يصلح بالملح، وليس المقصود ما ظنه بعضهم من أن وجه التشبيه هو أن القليل من النحو مغن، والكثير مفسد، كما أن القليل من الملح مصلح للطعام، والكثير مفسد، فهذا باطل، لأن الزيادة والنقصان فى مجارى الأحكام النحوية فى الكلام باطل، وبيانه هو أنا إذا قلنا: إن زيدا قائم، وكان زيد قائما فلابد من رفع أحد الاسمين ونصبه، فهذا إذا وجد فقد حصل