وهو فى لسان علمآء البيان مقول على ما كان من المنظوم والمنثور من الكلام، ألفاظ الفصل الأول فيه مساوية لألفاظ الفصل الثانى فى الأوزان واتفاق الأعجاز، واشتقاقه من قولهم تاج مرصّع، إذا كان فيه حلية، والترصيع التركيب، ويرد فى الكلام على وجهين،
الوجه الأول منهما أن يكون [كاملا] ،
وهو أن تكون كل لفظة من ألفاظ الفصل الأول مساوية لكل لفظة من ألفاظ الفصل الثانى فى الأوزان والقوافى من غير مخالفة لأحدهما للثانى فى زيادة ولا نقصان، وما هذا حاله فإنه يعز وجوده، وقليلا ما يقع فى كلام البلغاء لصعوبة مأخذه، وضيق مسلكه ولم يوجد فى القرآن شىء منه، وما ذاك إلا لأنه جاء بالأخف والأسهل، دون التعمق النادر، مع أنه قد أخرس الجن والإنس، وأيس كل واحد منهم أن يأتى بلفظة من ألفاظه أو بأقصر سورة من سوره، وقد زعم بعض الناس أنه يوجد فيه شىء منه، ومثّله بقوله تعالى: إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ (١٣) وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ (١٤)
[الانفطار: ١٣- ١٤] وهذا جهل بمعنى الترصيع وتركيبه، فإن الفجار لا يماثل الأبرار فى وزنه، وهكذا قوله «لفى» فإنه كررها فى الفقرتين جميعا، فما هذا حاله فإنما هو تجنيس، وليس ترصيعا، وإنما يكون من الترصيع لو قال: إن الأبرار لفى نعيم وإن الأشرار لمن جحيم، فيكون الأشرار مقابلا للفظ الأبرار، والجحيم مقابلا للنعيم، «ومن» مقابله «لفى» فى الوزن والقافية، فهو إنما يؤثر على جهة النّدرة على الشرط الذى ذكرناه، فمن ذلك ما وقع فى الحريريات من قوله: يطبع الأشجاع بجواهر لفظه، ويقرع الأسماع بزواجر وعظه، فجميع ما وقع فى السجعة الثانية مطابق لما وقع فى السجعة الأولى فى الوزن والتقفية من غير زيادة ولا نقصان «فيقرع» بإزاء «يطبع» والأسماع فى مقابلة «الأسجاع»«وزواجر» بإزاء «جواهر» و «وعظه» فى مقابلة «لفظه» . ومن ذلك ما قاله الشيخ عبد الرحيم بن نباتة الخطيب: الحمد لله عاقد أزمة الأمور بعزائم أمره، وحاصد أئمة الغرور