فى معنى واحد يجمعهما، ومثاله قوله تعالى: فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ
[الروم: ٤٣] وقوله تعالى: وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دانٍ (٥٤)
[الرحمن: ٥٤] وقوله تعالى: فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها
[الروم: ٣٠] ونحو قوله تعالى: فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ
[الواقعة: ٨٩] فهذا ما أردنا ذكره من التجنيس.
[الضرب الثانى التسجيع]
وهو فى كتاب الله تعالى أكثر من أن يعد ويحصى، وهو فى النثر نظير التقفية فى الشعر، ويرد تارة طويلا، وتارة قصيرا، ومرة على جهة التوسط، فهذه وجوه ثلاثة، أولها القصير، كقوله تعالى فى سورة المدثر: وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (٣) وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ (٤) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (٥)
[المدثر: ٣- ٥] ، إلى آخر الآيات بعد قوله: يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (١) قُمْ فَأَنْذِرْ (٢)
[المدثر: ١- ٢] وقوله تعالى: وَالنَّجْمِ إِذا هَوى (١) ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَما غَوى (٢) وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى (٣) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى (٤)
[النجم: ١- ٤] وثانيها الطويل، ومثاله قوله تعالى: فى سورة الملك الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ (٢) الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً ما تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرى مِنْ فُطُورٍ (٣)
[الملك: ٢- ٣] وثالثها أن يكون متوسطا، ومثاله قوله تعالى: يْسَ لَهُمْ طَعامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ (٦) لا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ (٧)
[الغاشية: ٦- ٧] وقوله تعالى: أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (١٧) وَإِلَى السَّماءِ كَيْفَ رُفِعَتْ (١٨)
[الغاشية: ١٧- ١٨] وأكثر العلماء على حسن استعماله، ولهذا ورد القرآن على استعماله، ومنهم من أنكره، ثم إن الفواصل التى تكون مقررة عليها الآى، أقلّها فاصلتان، ويردان على أوجه ثلاثة، أولها أن تكونا متساويتين فى أنفسهما من غير زيادة ولا نقصان، وهذا كقوله تعالى: وَالْعادِياتِ ضَبْحاً (١) فَالْمُورِياتِ قَدْحاً (٢) فَالْمُغِيراتِ صُبْحاً (٣)
[العاديات: ١- ٣] وقوله تعالى: فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ (٩) وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ (١٠)
[الضحى: ٩- ١٠] وثانيها أن تكون الفقرة الثانية أطول من الأولى، ومثاله قوله تعالى: بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ وَأَعْتَدْنا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيراً (١١) إِذا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَها تَغَيُّظاً وَزَفِيراً (١٢) وَإِذا أُلْقُوا مِنْها مَكاناً ضَيِّقاً مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنالِكَ ثُبُوراً (١٣)
[الفرقان: ١١- ١٣] فالثانية كما ترى أطول من الأولى، وثالثها عكس هذا، وهو أن تكون الثانية أقصر من الأولى، وهو معيب عند جماهير أهل هذه الصناعة، ولا يكاد يوجد من هذا الضرب شىء فى القرآن، وإنما أكثر وروده على الوجهين الآخرين.