[المرتبة السابعة فى بيان ما ألحق بهذه الألفاظ وليس منها]
اعلم أن ما ذكرناه من الألفاظ كالمتواطئة والمتباينة، والمترادفة، والمشتركة، فلا خلاف بين النظار فى تغايرها، وأن كل واحد منها مستعمل فيما ذكرناه، وإنما يؤثر الخلاف فى المتشابهة، وقد ذكرنا وجه النظر فيها، وهل تكون لا حقة بالمتواطئة، أو بالمشتركة، فأما ما وراء ذلك من المترادفة، كالناهل للعطشان والريان، والمشكّكة، كقولنا: سدفة فى الضوء، والظلام، والمبهمة، كقولنا: القسط، فإنه يستعمل فى العدل، والجور، فيقال فيه: قسط:
إذا عدل وقسط: إذا جار، فكلها مندرجة تحت ما ذكرناه من المشتركة، وإنما هى عبارات مختلفة على معنى واحد، لهذا فإن ألفاظها مشعرة بالاشتراك فإن التردد إنما يكون فيها من أجل عدم القرينة على ما أريد منها من معانيها، وهكذا ما قلناه من التشكك، فإن الشك إنما حصل لما كان لا يعلم المقصود منها، والمبهمة إنما عرض الإبهام فيها من جهة ما ذكرناه من الاحتمال فيها، فصارت مشتركة فيما أشرنا إليه، فالكلام فيها كالكلام فى المشتركة من غير تفرقة، وإنما الخلاف فى عبارة فيها.
[القانون الثالث فى بيان قوة اللفظ لقوة المعنى]
اعلم أن هذا الباب له حظ وافر من علوم المعانى، وله فيها قدم راسخة، وقد ذكره ابن جنى فى كتاب «الخصائص» ، وأورده ابن الأثير فى كتابه «المثل السائر» وما ذاك إلا لعلمهما بعلو مكانه فى أبواب المعانى فنقول: قوة اللفظ لأجل قوة المعنى، إنما تكون بنقل اللفظ من صيغة إلى صيغة أكثر منها حروفا، فلأجل ذلك يقوى المعنى لأجل زيادة اللفظ، وإلا كانت زيادة الحروف لغوا لا فائدة وراءها، وذلك يكون فى الأسماء، والأفعال، والحروف، فهذه ثلاثة أمثلة نذكر ما يتعلق بكل واحد منها على حياله.