كأنّ على سرباله نضح جريال
فهذا حباء على أربعة مقاطيع، والخامسة هى القافية، والأول أربعة رابعتها القافية، ومن الخمسة قوله:
يا خليلىّ اسقيانى بالزّجاج ... حلب الكرمة من غير مزاج
أنا لا ألتذّ سمعا باللّجاج ... فاسقنيها قبل تغريد الدّجاج
قبل أن يؤذن صبحى بانبلاج ... إن أردت الرّاح فاشربها صباحا
ومن ذلك ما ورد فى الحريريات قوله:
لزمت السّفار وجبت القفار ... وعفت النفار لأجنى الفرح
وخضت السّيول ورضت الخيول ... بجرّ ذيول الصّبا والمرح
وقوله:
أيا من يدّعى الفهم ... إلى كم يا أخا الوهم
تعبّى الذنب والذّم ... وتخطى الخطأ الجم
[الصنف الثامن كمال البيان ومراعاة حسنه]
اعلم أن لهذا الصنف من المكانة فى البلاغة موقعا عظيما، وحاصله فى لسان أهل البلاغة أنه كشف المعنى وإيضاحه حتى يصل إلى النفوس على أحسن شىء وأسهله، وهو يأتى على ثلاثة أوجه نفصلها بمعونة الله تعالى، وينقسم إلى ما يكون قبيحا فى البيان وإلى ما يكون حسنا، وإلى ما يكون متوسطا فهذه وجوه ثلاثة،
[الوجه الأول أن يكون قبيحا،]
وهو ما يكون فيه دلالة على العى، وهذا كالذى يحكى عن «باقل» وقد سئل عن ثمن ظبى وهو ممسك له، فقيل له كم ثمن هذا الظبى، فأراد أن يقول أحد عشر درهما فأدركه العى والحمق فأرسل الظبى وفرق بين أصابع يديه وأدلع لسانه إشارة إلى أنه بأحد عشر درهما فأفلت الظبى عن يده، ومن ركيك البيان ونازل القدر فيه أن رجلا كانت فى يده محبرة من زجاج فقيل كم أصحاب الكسا، ففتح كفه وأشار بأصابعه الخمس فسقطت المحبرة من يده وانكسرت، ولقد كان يغنيه عن ذلك أن يحرك لسانه وينطق بلفظة الخمسة فيسلم من ذلك، فهذا وما شاكله من البيانات معدود فى غاية القبح والركة، ولا يكاد يفعله إلا أهل البلاهة، ومن لا لب له،
[الوجه الثانى ما يعد فى الحسن،]
وهو ما يأتى موضحا للمعنى من غير زيادة فيكون فضلا، ولا نقصان فيكون فيه إخلال، وتارة يأتى مع الإيجاز وتارة