[الصنف السابع عشر فى التفريع]
وهو تفعيل من قولك فرّعت هذا إذا قررته على أصله، ومنه فروع الشجرة، لأنها ثابتة على أصولها، وكل ما كان مبنيا على غيره فهو فرع له، وأما مفهومه فى مصطلح علماء البلاغة فهو عبارة عن إتيانك بقاعدة تكون أصلا ومقدمة لما تريده من المدح أو الذم ثم تأتى بعد ذلك بتفصيل المديح وتعيّنه بعد إجمالك له أولا، فالكلام الأول يؤتى به على جهة المقدمة، وبالآخر على جهة الإكمال والتتميم والتفريع لما أصلته من قبل، ثم يكون على وجهين، الوجه الأول منهما أن يصدر الكلام الأول بحرف النفى وهو «ما» وتجعله أصلا لما تريد ذكره من بعده، ثم تأتى بعد ذلك بأفعل التفضيل وهذا كقول الأعشى:
ما روضة من رياض الحزن معشبة ... غنّاء جاد عليها مسبل هطل
يضاحك الشمس منها كوكب شرق ... مؤزّر بعميم النّبت مكتهل
يوما بأطيب منها طيب رائحة ... ولا بأحسن منها إذ دنا الأصل «١»
فمجيئه «بما» فى أول الكلام «وبأفعل» فى آخره هو كمال التفريع، وكقول أبى تمام:
ما ربع ميّة معمورا يطوف به ... غيلان أبهى ربى من ربعها الخرب
ولا الخدود وإن أدمين من خجل ... أشهى إلى ناظرى من خدّها التّرب «٢»
ولأمير المؤمنين المنصور بالله فى هذا ما يروق الناظر حيث قال مثنيا على امرأته متعة بنت ابن عمران اليامى:
وما شادن بالرمل يرعى وربما ... أشاح حذارا عند جرس العواصف
وما غصن بان نطّق الرمل حقوه ... بأحسن من بيض الملا والملاحف
وما بيضة بات الظّليم يحفها ... وما لحنها من رقّة المترادف
وما دمية من زخرف فى رخامة ... يشابه متناها متون الصّحائف
وما بدرتمّ بعد عشر وأربع ... تردّى من الهالات خضر المطارف
وما عسجدىّ برمكىّ مشوّف ... خلاص تهاداه أكفّ الصيارف