للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المرتبة الثالثة علم العربية]

ليحترز به عن الخطإ والغلط فى المركبات ليحصل المعنى على صحته واستقامة أحواله، لأن الإعراب إنما يمكن حصوله إذا كان الكلام مركبا من ألفاظ مخصوصة، فالنظر فى علم الإعراب إنما هو نظر فى حصول مطلق المعنى، وكيفية اقتباسه من اللفظ المركب فلابد من الإحاطة بصحة التركيب ليأمن الغلط فى تأدية المعانى وتحصيلها ويحصل به الوقوف على أسرار لطيفة.

[المرتبة الرابعة تحقق علم الفصاحة والبلاغة،]

وهو نظر خاص يأمن به الخطأ فى نظم الكلام وجزالة لفظه وحسن بلاغته، فمتى أحرز لنفسه هذه العلوم الأدبية أمن من الغلط فيما يخوض فيه من علم المعانى، فهذان العلمان أعنى علم الإعراب وعلم البلاغة والفصاحة إنما يختصان بمركبات الألفاظ، وما يحصل عند التركيب من المعانى الرقيقة، والنكت النفيسة، وهما يتفاوتان فيما يؤديه كل واحد منهما من الفائدة، فعلم الإعراب يؤدى مطلق المعنى لا غير، وعلم البيان يؤدى فائدة أخرى، وهو ما يحصل من بلاغة فى ذلك المعنى وحسن نظم وترتيب له، فهو كالكيفية العارضة.

والعلمان الأولان أعنى علم اللغة وعلم التصريف، إنما يختصان بمفردات الألفاظ، وفائدتهما تصحيح مطلق اللفظ من غير التفات إلى تركيب كما لخصناه من قبل، فكل واحد من هذه العلوم الأدبية على حظ من إحراز الغرض والأمن من الخطإ والغلط كما ترى، ولكن أرسخها أصلا وأنسقها فرعا، وأنورها سراجا وأكرمها نتاجا، وأقواها قاعدة وأجزلها فائدة، علم البيان، فإنه هو المطلع على حقائق الإعجاز وهو من العلوم بمنزلة الشامة والطراز، وقد نجز غرضنا من هذه المقدمات وبتمامه يتم الكلام فى الفن الأول وهو فن السوابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>