الصفات هم المستحقون للفوز بالهداية عاجلا وللفلاح آجلا.
[الوجه الثانى: أن يكون الاستئناف واقعا بغير الصفات]
، ومثاله قوله تعالى: وَما لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٢٢)
[يس: ٢٢] إلى قوله: فَاسْمَعُونِ (٣٥)
[يس: ٢٥] فموقع الاستئناف هو قوله تعالى قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ
[يس: ٢٦] لأن ما هذا حاله من مظان السؤال، كأن سائلا قال كيف حال هذا الرجل الذى آمن بالله ولم يعبد إلها غيره وأخلص فى عبادته عند لقاء ربه بعد التصلب فى دينه والسخاء له بروحه، فقيل. «قيل ادخل الجنة» ، وطرح الجار والمجرور، ولم يقل: قيل له، لانصباب القصد إلى القول، لا إلى المقول له مع كونه معلوما، فلهذا لم يذكره من أجل ذلك، وله أمثلة كثيرة، وفيما ذكرناه تنبيه على ما عداه.
«الضرب الثانى» أن يكون [الحذف من جهة السبب]
، لأنه لما كان السبب والمسبب متلازمين، فلا جرم جاز حذف أحدهما وإبقاء الآخر، فهذان وجهان.
الوجه الأول: [حذف المسبب وإبقاء ما هو سبب فيه]
، دلالة عليه، ومثاله قوله تعالى وَما كُنْتَ بِجانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنا إِلى مُوسَى الْأَمْرَ وَما كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ (٤٤) وَلكِنَّا أَنْشَأْنا قُرُوناً فَتَطاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ
[القصص: ٤٤- ٤٥] والمعنى فى هذا «ما كنت شاهدا حال موسى فى إرساله، وما جرى له وعليه، ولكنا أوحينا إليك» ، فذكر سبب الوحى الذى هو إطالة الفترة ودل به على المسبب وهو الوحى إلى الرسول صلّى الله عليه وسلّم كما هو الجارى فى أساليب التنزيل فى الاختصار، فعلى هذا يكون التقدير ولكنا أنشأنا بعد عهد الوحى إلى موسى إلى زمانك قرونا كثيرة فتطاول على القرون الذى أنت منهم العمر، أى أمد انقطاع الوحى فاندرست أعلام النبوة، وامّحت آثار العلوم، فوجب من أجل ذلك إرسالك إليهم، فأرسلناك وعرّفناك أحكام التحليل والتحريم وأخبرناك بقصص الأنبياء وعلوم الحكم والآداب.
فالمحذوف هى هذه الجملة الطويلة بدلالة السبب عليها كما ترى. وهكذا قوله تعالى:
وَما كُنْتَ بِجانِبِ الطُّورِ إِذْ نادَيْنا وَلكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ
[القصص: ٤٦] فذكر الرحمة التى هى السبب فى إرساله إلى الخلق، ودل بها على المسبب، وهو الإرسال.
الوجه الثانى: [حذف السبب وإبقاء المسبب]
، دلالة عليه ومثاله قوله تعالى: فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ (٩٨)
[النحل: ٩٨] والمعنى «إذا أردت القراءة»