وبعضهم يسميه الحشو، وقبل الخوض فيما نريده من خصائصه نذكر ماهية الاعتراض والمعترض فيه، فنقول: أما الاعتراض فهو كل كلام أدخل فى غيره أجنبى بحيث لو أسقط لم تختل فائدة الكلام، وأما المعترض فيه فهو كل كلام أدخل فيه لفظ مفرد أو مركب بحيث لو أسقط لبقى الكلام على حاله فى الإفادة، مثال ذلك قولنا:
زيد قائم فهذا لا محالة كلام مفيد، وهو مبتدأ وخبر، فإذا أدخلنا عليه لفظا مفردا فقلنا:
زيد والله قائم، جاز، فإذا أزلنا القسم، بقى الأول على حاله، وهكذا إذا أدخلنا فى هذا الكلام كلاما مركبا فقلنا: زيد على ما به من قلة ذات اليد كريم، فقد أدخلنا بين المبتدأ وخبره كلاما مركبا، وهو قولنا على ما به من قلة ذات يده، فهذا هو حد المعترض فيه والاعتراض، فإذا عرفت هذا فاعلم أن للاعتراض مدخلين:
[المدخل الأول يتعلق بعلم الإعراب،]
ثم هو ينقسم إلى ما يكون جائزا وغير جائز، فأما الجائز فهو ما يكون فاصلا بين الصفة والموصوف، وبين المعطوف والمعطوف عليه، وبين القسم وجوابه، إلى غير ذلك مما يحسن استعماله فى اللغة العربية، وأما غير الجائز فهو الاعتراض بين المضاف والمضاف إليه، وبين حرف الجر ومجروره إلى غير ذلك مما يقبح استعماله، وليس من همنا ذكر ما هذا حاله؛ لأن هذا إنما يليق بالمباحث الإعرابية، وكتابنا إنما نذكر فيه ما يتعلق بعلوم المعانى دون ما عداه، فلا يمزج أحدهما بالآخر، وأيضا فإن هذا الكتاب لا يخوض فيه إلا من له وطأة فى علم الإعراب، وحظوة فى الإحاطة بحقائق العربية فلا جرم أغنانا ذلك عن الكلام فى الأسرار النحوية والمباحث الإعرابية.
[المدخل الثانى يتعلق بالبلاغة والفصاحة]
اعلم أن الاعتراض قد يدخل لفائدة جارية مجرى التأكيد، وقد يكون داخلا لغير فائدة، فهذان ضربان.