وإن أراد بلفظ الدلالة أن من عرف الحد عرف لا محالة المحدود، فهذا جيد، لكن لفظ الدلالة يوهم الخطأ من جهة المغايرة، فيجب اطراحها، وأما ثانيا فلأنه لم يفصل بين التشبيه الوارد على جهة الاستعارة كقولك جاءنى الأسد، ورأيت بحرا، وبين التشبيه الصريح كقولنا: زيد كالأسد، وعمرو كالسيف، وغير ذلك وكلاهما معدود من باب التشبيه، والغرض ههنا هو المظهر الأداة فكان من حقه فصله عما ذكرناه بذكر الأدلة، لأنه هو المقصود بذكر هذه القاعدة.
[التعريف الثانى ذكره الشيخ عبد الكريم السماكى،]
وحاصل مقالته أنه ركن من أركان البلاغة، لإخراج الخفى إلى الجلى وإدنائه البعيد من القريب، هذا ما ذكره فى كتابه التبيان، وهو فاسد أيضا لأمرين، أما أولا فلأن ما قاله إنما هو إشارة إلى فائدته ومقصوده، وليس فيه بيان ماهيته فى ذاته، كمن يقول فى ماهية الأسد، هو الحيوان الذى تخاف سطوته وله هيبة فى النفوس، فكما أن هذا غير موصل إلى ماهية الأسد، فكذا ما قاله، ولأنه لم يفصل بين مضمر الأداة، ومظهر الأداة، وحقيقة أحدهما مخالفة لحقيقة الآخر ولأن ذكر الأداة جزء من مفهوم هذه القاعدة التى تصدينا لكشفها وبيانها، فلابد من ذكر الأداة، وظهر مما حققناه ضعف ما قالا.
[التعريف الثالث وهو المختار]
أن يقال هو الجمع بين الشيئين، أو الأشياء بمعنى ما بواسطة الكاف ونحوها، فقولنا:«هو الجمع بين الشيئين» يدخل فيه التشبيه المفرد كقولك: زيد كالأسد، «أو الأشياء» ليدخل فيه التشبيه المركب على أوصافه ومراتبه كما سنقرره ونصف حاله ونمثله، وقولنا:«بمعنى ما» عام لجميع الأوصاف كلها العقلية والحسية، المفردة والمركبة وقولنا «بواسطة الكاف» يخرج العطف لأنه جمع بين الشيئين، أو الأشياء لكن بغير الكاف، ويخرج عنه مضمر الأداة كقولنا: زيد أسد، فإنه ليس من التشبيه الذى أوردنا فى هذه القاعدة، وإنما هو معدود فى الاستعارة كما قررناه من قبل، فهكذا يكون تعريفه بما ذكرناه، ولقد حام من أسلفنا ذكره فى تعريف حقيقة التشبيه حول ما قررناه، فما وقع، وصأصأ فما فقح، ومن حق من أراد تعريف ماهية من الماهيات أن يورد فى حده أخص أوصافها وأن يصونها عن النقوض.