اعلم أن الألفاظ تابعة للمعانى كما سنقرره فى خاتمة هذا الكتاب بمعونة الله تعالى، والمعانى لها فى التقديم أحوال خمسة:
الحالة الأولى [تقدم العلة على معلولها] عند القائلين بها
، وهذا كتقدم الكون على الكائنية، والعلم على العالمية، وهكذا سائر العلل والمعلولات عند من أثبتها، وهم أكثر المعتزلة وطوائف من الأشعرية، فأما نحن فلا نراها، بل الكون هو نفس الكائنية، والعلم هو نفس العالمية، من غير أمر وراء ذلك، واستقصاء الرد على من أثبتها قد قررناه فى الكتب الكلامية، وأنهينا فيه القول نهايته، ونحو تقدم الأسباب على مسبباتها، وهذا نحو تقدم السراج على ضوئه، فإن تقدم هذه الموجبات على موجباتها يكون تقدما ذهنيا، لا زمانيا، لأن الموجب لا يتراخى عن موجبه.
الحالة الثانية [التقدم بالذات] ،
وهذا نحو تقدم الواحد على الاثنين على معنى أن الوحدة لا يمكن تحقق الاثنينية إلا بعد سبقها، وليس من باب العلة والمعلول، فإن الوحدة ليست علة فى الاثنينية بخلاف ما قررناه فى الحالة الأولى.
الحالة الثالثة [التقدم بالشرف] ،
وهذا نحو تقدم الأنبياء على الأتباع، والعلماء على الجهال، فهذا تقدم معقول يخالف ما تقدم.
الحالة الرابعة [التقدم بالمكان]
، وهذا نحو تقدم الإمام على المأموم، ونحو تقدم من يقرب إلى الحائط دون من تأخر عنه، فمن يلى الحائط فإنه يقال: إنه سابق على من تأخر عنه، وهكذا القول فى غيره من الأمكنة.
الحالة الخامسة [التقدم بالزمان]
، وهذا نحو تقدم الشيخ على الشاب، والأب على الابن، فإن الوالد