للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[القسم الرابع فى الأوصاف الوجدانية من النفس]

وهذا نحو تشبيههم العلم بالحياة، والجهل بالموت، ومنه قوله تعالى. فى الاستعارة على جهة التشبيه: أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُماتِ

[الأنعام: ١٢٢] فيجوز فيما هذا حاله، أن يراد به العلم، والجهل فى الحياة، والموت، ونحو تشبيههم الجوع بالنار، والعطش باللهب وتسعر النار، وتشبيه الأشواق، والغيظ، والأسف والغضب، بالنار فى تلظيها وتلهبها إلى غير ذلك من الأمور الموجودة من جهة النفس.

[القسم الخامس فى الأمور الخيالية]

وهذا نحو أن يتخيل شبحا من بعيد، فيظنه إنسانا، فإذا تخيله ضئيلا، شبهه بالقلم، وإن تخيله جسيما، شبهه بالفيل والجمل، وهكذا إذ رأى حيوانا، فإذا تخيله أسدا، شبهه بالبرق لسرعة جريه، وإذا تخيله شاة، شبهها بالبكرة لعظمها وفخامة جسمها، وهكذا القول فى سائر الأمور الخيالية، فإن التشبيه على قدر ما يرى عن الخيال.

[القسم السادس فى الأمور الوهمية]

وهذا نحو أن يتوهم الواحد منا فراق ما يألفه فيشبهه بتقطيع الجسم ووخز الشفار ونحو أن يتوهم انقطاع إحسان واصل إليه من جهة الغير بزوال الروح، وانقطاع الأباهر، إلى غير ذلك من الأمور الوهمية، والتفرقة بين الأمور الخيالية والأمور الموهومة هو أن الخيال أكثر ما يكون فى الأمور المحسوسة، فأما الأمور الوهمية فإنما تكون فى المحسوس وغير المحسوس مما يكون حاصلا فى التوهم وداخلا فيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>