فقوله: لها منها عليها، من قبيح السبك وسوء التأليف، وما ذاك إلا لأجل تكرر أحرف المعانى فأكسبته هذا الثقل الذى تعافه النفوس، وهكذا ورد فى قوله أيضا وإن كان بالضرب الأول أشبه:
فالقاف وإن كانت من أنصع حروف العربية وأثبتها جرسا وأصفاها فى النطق وأوضحها مخرجا، خلا أنها لما تكررت كانت بمنزلة مشى البغل يتقدم وهو يخطو إلى الوراء، ومن ذلك ما ورد فى شعر أبى تمام قوله «٢» :
كأنه فى اجتماع الرّوح فيه له ... فى كل جارحة من جسمه روح
فقوله: فيه له فى كل، من الردىء المستثقل، وليس ذلك إلا من أجل تكرر حروف المعانى.
[الضرب الثالث فى بيان المعاظلة بالصيغ المفردة من غير الأدوات]
وهذا نحو توارد الصيغ المتماثلة من الأوامر الفعلية، وهو فى ذلك على وجهين، أحدهما: أن ترد مجردة عن العطف، ومثاله قول أبى الطيب المتنبى «٣» :
فهذه الألفاظ جاءت على صيغة واحدة وهى مثال الأمر، كأنه قال افعل افعل وهكذا إلى آخر البيت، فما هذا حاله فتكرير للصيغة، وإن لم يكن تكريرا لحروف المعانى، وفيها ما ترى من الثقل على المسموع من أجل تكريرها على هذا الوجه، وقد تضمن سياقها تركيبا وتداخلا مكروها، وثانيهما: أن يرد مع واو العطف، ومثاله ما يحكى عن عبد السلام بن رغبان المعروف بديك الجن قال: