الهاء همزة، فإنها مركبة من لو، وهل، مزيدتين معهما، ما، ولا، لإفادة التحضيض فى الأفعال المضارعة فى نحو قولك: هلا تقوم، ولوما تقوم، والتوبيخ فى الماضى كقولك:
هلا قمت، وألّا خرجت، ففى الأول حث على الفعل ليفعله فى المستقبل، وفى الثانى توبيخ على الفعل، لم لم يفعله، وتنديم له على تركه، والعرض هو نحو قولك: ألا تنزل فتصيب خيرا، وهو مولّد عن الاستفهام، خلا أنه لما توجه بحكم قرينة الحال أنه ليس الغرض هو الاستعلام، وإنما المقصود منه: ألا تحب النزول مع تحياته، فلهذا كان عرضا، وأما لعل، فهو للتوقع فى مرجو أو مخوف، فالمرجو فى مثل قوله تعالى: لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبابَ (٣٦) أَسْبابَ السَّماواتِ
[غافر: ٣٦- ٣٧] والمخوف فى مثل قوله تعالى: وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ ١٧
[الشورى: ١٧] قد تستعمل لعل فى التمنى فى مثل قوله:
«لعلى أزورك فتكرمنى» فهى مولدة للتمنى، والسبب فى ذلك هو بعد المرجو عن الحصول، فلهذا أشبه المتمنى لما كان قد يكون فى الممكن وغير الممكن، والسبب فى خروج بعض هذه المعانى إلى بعض، هو تقاربها، والمعتمد فى ذلك على قرائن الأحوال فلأجل ذلك يجوز استعمال بعضها مكان بعض.
[الضرب الخامس النداء]
وهو من جملة المعانى الإنشائية الطلبية، ولهذا فإنه إذا قيل: يا زيد، لم يقل فيه: صدقت أو كذبت لما كان إنشاء، وحروفه يا، وأخواتها، فمنها ما يستعمل للقريب كالهمزة، ومنها ما يستعمل للبعيد كأيا، ومنها ما يستعمل فيهما جميعا، وهو «يا» كما هو مقرر فى علم الإعراب، ومعنى النداء هو التصويت بالمنادى لإقباله عليك، هذا هو الأصل فى النداء، وقد تخرج صيغة النداء إلى أن يكون المراد منها غير الإقبال، بل يراد منها التخصيص، كقولك: أما أنا فأفعل كذا أيها الرجل، ونحن نفعل كذا أيها القوم، واللهم اغفر لنا أيتها العصابة، ولم يعنو بالرجل، والقوم، إلا أنفسهم، وهكذا مرادهم بأنا، ونحن، فلو كان منادى لكان المقصود غيره، كما إذا قلت: يا زيد، فإن المنادى الطالب هو غير المنادى المطلوب، فهذا ما أردنا ذكره من الأمور الإنشائية الطلبية والله أعلم.