للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[التنبيه الثانى فى بيان موقعه]

واعلم أن موقعه إنما يكون فى الجمل المترادفة، والألفاظ المركبة، ولا يرد فى الكلم المفردة بحال، والسر فى ذلك هو أن دلالته على ما يدل عليه لم يكن من جهة الحقيقة، ولا من جهة المجاز، فيجوز وروده فى الألفاظ المفردة والمركبة كما جاز فى الحقائق، وكما جاز فى المجازات ورودهما معا كالاستعارة، والتشبيه المضمر الأداة، والكناية، فإنها واردة فى الأمرين جميعا، كما لخصناه من قبل، وإنما دلالته كانت من جهة القرينة، والتلويح والإشارة، وهذا لا يستقل به اللفظ المفرد، ولكنه إنما ينشأ من جهة التركيب، فلأجل هذا كان مختصا بالوقوع منه، لا يقال فإذا كان التعريض ليس مدلولا عليه باللفظ، لا مجازا ولا حقيقة، فأى مانع من اشتغالهم به فى الكلم المفردة، كما كان فى المركبة، فأى تفرقة بينهما فى ذلك، لأنا نقول: هذا مردود من وجهين، أما أولا فلأن أمر الوضع موكول إلى اختيارهم، وموقوف على ما فهمناه من تصرفاتهم، فلأمر ما قصروه على المركب لا غير، وأما ثانيا فلعل اللفظ المركب أدل على المقصود، وأوضح للمراد، ولا حرج عليهم فى قصره عليه.

[التنبيه الثالث فى بيان التفرقة بينه وبين الكناية]

ويظهر ذلك من أوجه ثلاثة، أولها أن الكناية واقعة فى المجاز، ومعدودة منه، بخلاف التعريض، فلا يعد منه، وذلك من أجل كون التعريض مفهوما من جهة القرينة، فلا تعلق له باللفظ، لا من جهة حقيقته، ولا من جهة مجازه، وثانيها هو أن الكناية كما تقع فى المفرد، فقد تكون واقعة فى المركب، بخلاف التعريض، فإنه لا موقع له فى باب اللفظ المفرد كما مر بيانه، وثالثها أن التعريض أخفى من الكناية، لأن دلالة الكناية مدلول عليها من جهة اللفظ بطريق المجاز، بخلاف التعريض، فإنما دلالته من جهة القرينة.

والإشارة، ولا شك أن كل ما كان اللفظ يدل عليه، فهو أوضح مما يدل عليه اللفظ، وإن

<<  <  ج: ص:  >  >>