ورابعها: كلمة واحدة، واحد من أحرفها منقوط، والآخر معرى من النقط، ومثاله قوله أيضا:«أخلاق سيدنا تحب، وبعقوته يلبّ» .
التصرف الثانى: يرجع إلى الاتصال والانفصال فى الأحرف، وذلك يكون على وجهين، أحدهما أن تكون منفصلة، ومثاله ما قاله بعضهم:
وزر دار زرزور وزر دار زاره ودار رداح إن أردت دواء فترى هذه الأحرف حاصلة على جهة الانفصال.
وثانيها: أن تكون متصلة كلها وهذا كثير كقوله «فتنتنى فجننتنى» وقد سبق. ولنقتصر على هذا القدر من بلاغة الخط والكتابة. ولنرجع إلى مقصودنا من بيان مواقع البلاغة فى الألفاظ.
واعلم أن البلاغة مختصة بوقوعها فى الكلم المركبة، دون المفردة، فلا يوصف الكلام بكونه بليغا إلّا إذا جمع الأمرين جميعا مع حسن اللفظ، وجودة المعنى، فمتى كان هكذا وصف بالبلاغة، فإن كان المعنى جزلا، واللفظ غير فصيح، أو كان اللفظ فصيحا، وكان معناه ركيكا نازلا، فإنه لا يوصف بالبلاغة أصلا، وهذا غير مستبعد.
وبيانه بالمثال، فإنّ من كان معه لآل، كل واحد منها فى نهاية النفاسة على انفرادها، ثم ألفها تأليفا نازل القدر فإنه يهون أمرها، حتى يقال: إن هذه ليست تلك من أجل قبح تأليفها. وعكسه من كانت معه لآل نازلة القدر فألفها تأليفا عجيبا، ونظمها نظما رشيقا يعظم فى المرأى موقعها حتى يخيل للناظر أنها غيرها لما يظهر من حسن التأليف، فهكذا حال الكلم المفردة بالإضافة إلى تأليفها ونظمها، فإن فاق اللفظ والمعنى فهو الموصوف بالبلاغة، فإن نقص أحدهما وبطل لم يكن موصوفا بالبلاغة فموقعها الأمران جميعا كما أشرنا إليه.
[المبحث الثانى فى مراتب البلاغة]
اعلم أن الألفاظ إذا كانت مركبة لإفادة المعانى، فإنه يحصل لها بمزية التركيب حظ لم يكن حاصلا مع الإفراد، كما أن الإنسان إذا حاول تركيب صورة مخصوصة من عدة أنواع مختلفة أو عقد مؤلف، من خرز ولآلىء، فالحسن فى تركيب الألفاظ غير خاف، ثم ذلك الحسن له طرفان، ووسائط: